وأما التعريف الثاني: فلان حصول العلم عن الدليل يسمى تبينا، والأصل في الاطلاق الحقيقة. فلو كان هو البيان أيضا حقيقة، لزم منه الترادف. والأصل عند تعدد الأسماء، تعدد المسميات، تكثيرا للفائدة، ولأن الحاصل عن الدليل قد يكون علما، وقد يكون ظنا. وعند ذلك فتخصيص اسم البيان بالعلم، دون الظن لا معنى له، مع أن اسم البيان يعم الحالتين، وإذا كان النزاع إنما هو في إطلاق أمر لفظي، فأولى ما اتبع، ما كان موافقا للاطلاق اللغوي، وأبعد عن الاضطراب ومخالفة الأصول وإذا عرف أن البيان هو الدليل المذكور فحد البيان ما هو حد الدليل، على ما سبق في تحريره (1) ويعم ذلك كل ما يقال له دليل، كان مفيدا للقطع أو الظن وسواه كان عقليا أو حسيا، أو شرعيا أو عرفيا، أو قولا أو سكوتا، أو فعلا أو ترك فعل إلى غير ذلك.
وأما المبين: فقد يطلق، ويراد به ما كان من الخطاب المبتدأ المستغنى بنفسه عن بيان، وقد يراد به ما كان محتاجا إلى البيان، وقد ورد عليه بيانه، وذلك كاللفظ المجمل إذا بين المراد منه، والعام بعد التخصيص، والمطلق بعد التقييد، والفعل إذا اقترن به ما يدل على الوجه الذي قصد منه إلى غير ذلك.
وأما المسائل فثمان.