أما الأول: فبيانه بما تقدم في المسألة التي قبلها، ويزيد ها هنا وجه آخر في الترجيح، وهو أن الشارع، مهما ثبت له عرف، وإن كانت مناطقته لنا بالأمور اللغوية غالبا، غير أن مناطقته لنا بعرفه، في موضع له فيه عرف، أغلب:
وأما إذا ورد في طرف الترك، كقوله (ص): دعي الصلاة أيام أقرائك (1) وكنهيه عن بيع الحر والخمر وحبل الحبلة والملاقيح والمضامين، فإنه لو كان اللفظ ظاهرا في الصلاة الشرعية والبيع الشرعي، لزم أن يكون ذلك متصورا لاستحالة النهي عما لا تصور له، وهو خلاف الاجماع، وأن يكون الشارع (2) قد نهى عن التصرف الشرعي، وذلك ممتنع لما فيه من إهمال المصلحة المعتبرة المرعية في التصرف الشرعي (3)، أو أن يقال مع ظهوره في المسمى الشرعي بتأويله وصرفه إلى المسمى اللغوي، وهو على خلاف الأصل، ولا يلزم من اطراده عرف الشرع في هذه المسميات في طرف الاثبات، مثله في طرف النهي أو النفي، وعلى ما حققناه من تقديم عرف الشرع في خطابه، على وضع اللغة، فيقدم ما اشتهر من المجاز الذي صار لا يفهم من اللفظ غيره، على الوضع الأصلي الحقيقي، وسواء كان ذلك التجوز بطريق نقل الكلام من محل الحقيقة إلى ما هو خارج عنه كلفظ الغائط، أو بطريق تخصيصه ببعض مسمياته في الحقيقة، كلفظ الدابة لان العرف الطارئ غالب للوضع الأصلي، ولا إجمال فيه.