وأما من جهة الأثر، ونخص مذهب من فرق بين خبر وخبر كبعض المحدثين، فهو أن عليا، كرم الله وجه، قال ما حدثني أحد بحديث إلا استحلفته، سوى أبي بكر صدق أبا بكر وقطع بصدقه، وهو واحد.
قلنا: أما الآيات، فالجواب عنها من وجهين:
الأول أن وجوب العمل بخبر الواحد واتباعه في الشرعيات إنما كان بناء على انعقاد الاجماع على ذلك، والاجماع قاطع. فاتباعه لا يكون اتباعا لما ليس بعلم ولا اتباعا للظن.
الثاني أنه يحتمل أن يكون المراد من الآيات إنما هو المنع من اتباع غير العلم فيما المطلوب منه العلم، كالاعتقادات في أصول الدين من اعتقاد وجود الله تعالى، وما يجوز عليه وما لا يجوز، ويجب الحمل على ذلك عملا بما ذكرناه من الأدلة.
وأما ما ذكروه من الوجه الأول من جهة المعقول، فغير لازم، لان حكم الجملة قد يغاير حكم الآحاد، على ما سبق مرارا.
وأما الوجه الثاني، فمبني على أن أحكام الشرع لا تبنى على غير العلم، وهو غير مسلم، وعلى خلاف إجماع السلف قبل وجود المخالفين.
وما ذكروه من الأثر، فغايته أن يدل على أن عليا صدق أبا بكر، رضي الله عنهما، من غير يمين، لحصول ظنه بخبره من غير يمين دون خبر غيره، لكون ما اختص به من زيادة الرتبة وعلو الشأن في العدالة، والثقة في مقابلة يمين غيره. والتصديق بناء على غلبة الظن جائز في باب الظنون، وإن لم يكن الصدق معلوما.