عمرو. وقد يطلق على المعنى القائم بالنفس المعبر عنه بالصيغة كما قررناه في الكلاميات والأشبه أنه في اللغة حقيقة في الصيغة، لتبادرها إلى الفهم من إطلاق لفظ الخبر وإذا عرف مسمى الخبر حقيقة فما حده؟
اختلفوا فيه: فمن أصحابنا من قال: لا سبيل إلى تحديده، بل معناه معلوم بضرورة العقل. ودل على ذلك بأمرين..
الأول: أن كل أحد يعلم بالضرورة أنه موجود، وأنه ليس بمعدوم، وأن الشئ الواحد لا يكون موجودا، معدوما. ومطلق الخبر جزء من معنى الخبر الخاص، والعلم بالكل موقوف على العلم بالجزء. فلو كان تصور ماهية مطلق الخبر موقوفا على الاكتساب، لكان تصور الخبر الخاص أولى أن يكون كذلك.
الثاني: أن كل أحد يعلم بالضرورة الموضع الذي يحسن فيه الخبر عن الموضع الذي يحسن فيه الامر، ولولا أن هذه الحقائق متصورة، لما كان كذلك. وهو ضعيف.
أما قوله إنه معلوم بالضرورة فدعوى مجردة، وهي مقابلة بنقيضها. وما ذكره من الدلالة على ذلك، فهو دليل على أن العلم به غير ضروري، لان الضروري هو الذي لا يفتقر في العلم به إلى نظر ودليل يوصل إليه، وما يفتقر إلى ذلك فهو نظري، لا ضروري.
فإن قيل: ما ذكرناه إنما هو بطريق التنبيه، لا بطريق الدلالة، لان من الضروريات ما يفتقر إلى نوع تذكير وتنبيه على ما علم في مواضعه، فهو باطل من وجهين:
الأول: أنه لو قيل ذلك لأمكن دعوى الضرورة في كل علم نظري. وأن ما ذكروه من الدليل إنما هو بطريق التنبيه دون الدلالة، وهو محال.
الثاني: أن ما ذكره في معرض التنبيه غير مفيد أما الوجه الأول فهو باطل من وجهين:
الأول: أن علم الانسان بوجود نفسه، وإن كان ضروريا وكذلك العلم باستحالة كون الشئ الواحد موجودا معدوما معا، فغايته أنه علم ضروري بنسبة خاصة،