من الاخبار على مقالة الأخباريين.
السادسة: ما دلت على الاحتياط، واليك نبذ من تلك الطائفة (منها) صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: سئلت أبا الحسن عليه السلام عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما جزاء؟ قال بل عليهما ان يجزى كل واحد جزاء الصيد، فقلت: ان بعض أصحابنا سئلني من ذلك فلم ادر ما عليه قال إذا أصبتم بمثل هذا ولم تدروا فعليكم الاحتياط حتى تسئلوا عنه وتعلموا.
(قلت): الاحتمالات في الرواية كثيرة لان قوله: إذا أصبتم بمثل هذا، اما إشارة إلى حكم الواقعة أو إلى نفس الواقعة، وعلى كلا الفرضين، فاما ان يراد من المثل، مطلق المماثلة، أو المماثل في كون الشبهة وجوبية مطلقا أو كونها وجوبية دائرة بين الأقل والأكثر الاستقلاليين، ان قلنا بلزوم القيمة في جزاء الصيد، أو الارتباطيين. بناء على وجوب البدنة، فمع هذه الاحتمالات يستدل بها على لزوم الاحتياط في خصوص الشبهة التحريمية مع كونها بمراحل عن مورد الرواية.
ثم إنه لو قلنا بكون المشار إليه هو حكم الواقعة، اما ان يراد من قوله:
فعليكم الاحتياط، الاحتياط في الفتوى، أو الفتوى بالاحتياط، أو الفتوى بالطرف الذي هو موافق للاحتياط، و (مع ذلك) فبما انه (ع) ذيل قوله: فعليكم بالاحتياط، بقوله عليه السلام فلم تدروا، وقوله عليه السلام حتى تسئلوا عنه فتعلموا، فالمتبادر من الامر بالاحتياط، هو الاحتياط في الفتوى وعدم التقول على الله تعالى، ولأجل ذلك يترجح حمل الرواية على الفتوى قبل الفحص، مع امكان التفحص عن مورده، كما هو مفروضها ودلالتها على مقالة الاخباري يتوقف على حملها على مطلق الشبهات تحريمية أو وجوبية، ثم اخراج الوجوبية منها لقيام الاجماع على عدم وجوب الاحتياط فيها، مع أنه من قبيل اخراج المورد المستهجن كمالا يخفى.
و (منها) رواية عبد الله بن وضاح قال: كتبت إلى العبد الصالح يتوارى عنا القرص و يقبل الليل ويزيد الليل ارتفاعا، ويستر عنا الشمس ويرتفع فوق الجبل حمرة، و يؤذن عندنا المؤذنون، فاصلي (ح) وأفطر ان كنت صائما أو انتظر حتى تذهب الحمرة