كان الضرر محتملا أو لا، فاحتمال الضرر في بعض الموضوعات وتحقق البيان كذلك غير مربوط بحكم الكبريين وموضوعهما فلا يكون إحدى الكبريين واردة أو حاكمة على الأخرى قط بل أحد القياسين بعد تمامية مقدماته وجدانا أو برهانا يدفع صغرى القياس الاخر بالبيان المتقدم.
واما الثاني أعني ما إذا أريد من الضرر، غير العقاب الأخروي الموعود جزاء للأعمال، فان أريد منه اللوازم القهرية للأعمال التي يعبر عنه بتجسم الأعمال وتجسد الافعال بتقريب انها ليست من العقوبات السياسية المجعولة، حتى يرتفع بحكم الفعل بل صور غيبية لافعال الانسان، وقد استدل أصحاب هذا الرأي بعدة آيات واخبار ظاهرة فيما قالوه (وعليه) فلابد من دفع هذا الاحتمال " فنقول " ان ما هو المقرر عند أصحاب هذا القول، ان الأعمال التي تبقى آثارها في النفس هي الآثار الحسنة النورانية أو السيئة الظلمانية واما مطلق الأعمال مما هي متصرمة في عالم الطبع فلا يمكن تحققها في عالم آخر، ولا تكون تلك الأفعال موجبة لخلاقية النفس صورا غيبية تناسب تلك الأفعال، وبالجملة: لوازم الأعمال هي الصور المتجسدة بتبع فعالية النفس إذا خرجت عن الجسد في البرازخ أو بعد الرجوع إليه في القيمة الكبرى فالافعال الطبيعية التي لم تورث في النفس صورة لا يمكن حشرها وتصورها في سائر العوالم، ومناط هذه التصورات هو الإطاعة والعصيان لا اتيان مطلق الافعال.
وان أريد به الضرر الدنيوي ففيه ان احتمال مطلق الضرر ولو كان دنيويا غير واجبة الدفع ما لم يوجب احتمال العقاب (فان قلت) ان مع احتمال الضرر يحكم العقل بقبح الارتكاب، وبالملازمة تثبت الحرمة (قلت): مضافا إلى أن ارتكاب الضرر ليس قبيحا، بل هو بلا داع عقلائي سفه، ان لازم ذلك البيان، هو العلم بالتكليف في صورة احتماله (فتأمل) (فان قلت) ان احتمال الضرر مستوجب لاحتمال القبح و هو مستلزم لاحتمال العقاب وقد علم وجوب دفعه (قلت) مضافا إلى ما اوردنا على الأول من أن ارتكاب الضرر بلا داع عقلائي سفه لا قبيح ومعه لا سفه ولا قبح يرد عليه ان الضرر بوجوده