آخر له لا تخرج عن حدود الأولى.
وملخص الجواب عن هذه الطائفة مع ما عرفت المناقشة في أكثرها انها مما تلوح منها الاستحباب فان كلمات الأئمة لا سيما أمير المؤمنين مشحونة بالترغيب إلى الاجتناب عن الشبهات، وبهذه الطائفة ينسلك في الروايات التي يستشم منها الوجوب مثل ما رواه الشهيد في الذكرى قال: قال النبي صلى الله عليه وآله دع ما يريبك إلى مالا يريبك، مع احتمال أن يكون المراد منه رد ما يريبك (أي المشتبه) إلى غيره حتى يتضح معناه: وفى وزان ما تقدم من تلك الطائفة قوله عليه السلام أورع الناس من وقف عند الشبهة وقوله عليه السلام لا ورع كالوقوف عند الشبهة، فان الروايتين وما قارنهما من الروايات في المعنى أقوى شاهد على الحمل على الاستحباب.
الرابعة: اخبار التثليث (منها) رواية النعمان بن بشير: قال سمعت رسول الله يقول: إن لكل ملك حمى وان حمى الله حلاله وحرامه والمشتبهات بين ذلك كما لو أن راعيا رعى إلى جانب الحمى لم يثبت غنمه ان تقع في وسطه فدعوا المشتبهات و (منها) رواية سلام بن المستنير عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال جدي رسول الله: أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيمة، وحرامي حرام إلى يوم القيمة (إلى أن قال) وبينهما شبهات من الشيطان وبدع بعدي من تركها صلح له أمر دينه، وصلحت له مروته وعرضه ومن تلبس بها وقع فيها واتبعها كان كمن رعى غنمه قرب الحمى ومن رعى ماشيته قرب الحمى نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى أقول هذه الروايات صريحة في الاستحباب ضرورة ان الرعى حول الحمى لم يكن ممنوعا، غير أن الرعى حوله، ربما تستوجب الرعى في نفس الحمى فهكذا الشبهات، فإنها ليست محرمة غير أن التعود بها كالقعود بالمكروهات ربما يوجب تجرى النفس وجسارته لارتكاب المحرمات بل في هذه الروايات شهادة على التصرف في غيرها لو سلمت دلالتها، الخامسة ما دل على التوقف معللا بان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات كما عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال الوقوف في الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وفى رواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام الوقوف