عند التعارض وما نذكره هنا قليل من كثير، فنقول بعدما فرض الراوي تساوى الحكمين في العدالة، وكونهما مرضيين عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الاخر قال (ع): ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه، وانما الأمور ثلثة، أمر بين رشده فيتبع، وامر بين غيه فيجتنب، و أمر مشكل يرد حكمه إلى الله... الخ، وحاصل الجواب هو ارجاع الراوي عند تساوى الحكمين إلى النظر في مدرك الحكمين فما كان مجمعا عليه بين الأصحاب يؤخذ به، لكونه لا ريب فيه وما كان شاذا متروكا، لا يعمل به ويترك، و (عليه) فليس المراد من الشهرة في المقام هو الشهرة الروائية المجردة بين أصحاب الجوامع والحديث وان لم يكن موردا للفتوى بينهم، إذ أي ريب ووهن أولى وأقوى من نقل الحديث وعدم الافتاء، بمضمونه، فان هذا يوجب وهنا في الرواية بمالا يسد بشئ، بل المراد هو الشهرة الفتوائية، بان يكون الرواية موردا للفتوى وقد اعتمد عليه أكابر القوم من المحدثين والفقهاء، مذعنين بمضمونه، وهذا هو الذي يجعل الرواية مما لا ريب فيه (لان أهل البيت أدرى بما في البيت) كما تجعل تلك الشهرة ما يقابلها من الرواية الشاذة ممالا ريب في بطلانها، وبذلك تقف على أن الرواية المشهورة بالمعنى المختار داخلة في الأمور التي هي بين الرشد، كما أن الشاذة مما هي بين الغى لكون المشهور مما لا ريب فيه، كما أن الشاذ مما لا ريب في بطلانه، فيدخل كل فيما يناسبه، و احتمال ان الشاذ مما فيه ريب، لا مما لا ريب في بطلانه، فلا يدخل تحت بين الغى بل يكون مثالا للامر المشكل الذي يرد حكمه إلى الله مدفوع بان لازم كون إحدى الروايتين المتضادتين مما لا ريب في صحتها، كون الأخرى مما لا ريب في بطلانها ضرورة عدم امكان كون خبرين مخالفين " أحدهما " لا ريب فيه والاخر مما فيه ريب ويعد مشتبها، فان وجوب صلاة الجمعة إذا كان مما لا ريب فيه، فلا يمكن أن يكون عدم وجوبها مما فيه ريب بل لا ريب في بطلانه وفساده، لان الحق واحد ليس غير، و (على ذلك) فلم يذكر الإمام عليه السلام، مثالا للامر المشكل الذي
(٢٦٢)