الجاهل من غير استفصال، واما ما ذكره أخيرا من أن التعميم يحتاج إلى التخصيص ولسانه آب عنه، فيرد عليه مضافا إلى أن التخصيص لازم على أي وجه فان الجاهل الغافل المقصر خارج من مصب الرواية، ان ذلك دعوى مجردة، فان لسانه ليس على وجه يستهجن في نظر العرف ورود التخصيص به كما لا يخفى وما أيده به بعضهم مقالة الشيخ، فيرد عليه ان الجهل ليس علة للاتيان بالشئ فان وجود الشئ في الخارج معلول لمباديه، نعم ربما يكون العلم بالحكم مانعا ورادعا عن حصول تلك المبادى في النفس، وعليه فالمناسب جعل الباء بمعنى " عن " ولو سلم كونها للسببية، فليس المراد من السببية، المعنى المصطلح (صدور الفعل عنه) بل بمعنى دخالتها في العمل في الجملة فيصح ان يقال إن الارتكاب يكون لجهالة مع الفحص عن الحكم وعدم العثور عليه.
6 - ومن الروايات: ما رواه ثقة الاسلام في باب البيان والتعريف عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن ابن الطيار عن أبي عبد الله (ع) قال: إن الله احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم فدلت علي ان التكليف فرع التعريف، وايتاء القدرة الذي عليه قوله تعالى: لا يكلف الله نفسا الا ما آتيها، ولا يكلف نفسا الا وسعها، وقد استدل بهما الامام في رواية عبد الأعلى كما تقدم، والمعنى المتبادر منها حسب مناسبة الحكم و الموضوع شرطية التعريف والايتاء في كل التكاليف على كل فرد فرد من المكلفين حتى يتم الحجة بالنسبة إلى كل واحد منهم، وان التعريف للبعض، لا يكفي في التكليف على الجميع، لان المقصود انما هو اتمام الحجة وهو لا يتم الا إذا حصل الأمران عند كل واحد واحد منهم، وعلى ذلك فلو بحث المكلف عن تكليفه فحصا تاما ولم يظفر به، وان صدر من الشارع حكمه غير أن الحوادث عاقت بينه وبين تكليفه لم يصدق انه عرفه وآتاه فان قلت: قد رواه ثقة الاسلام أيضا في باب حجج الله عز وجل على خلقه وهو مذيل بجملة ربما توهم خلاف ما ذكرنا واليك الرواية: عدة من أصحابنا