ثم إن القوم استدلوا ببعض الآيات وحيث إن فيما ذكرنا أو ما نذكره من السنة والأدلة العقلية غنى عن الخوض فيه طوينا البيان عنه، ونذكر ما استدلوا به من السنة الاستدلال على البراءة من طريق السنة منها حديث الرفع فنقول روى الصدوق في الخصال بسند صحيح عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي تسعة الخطاء، والنسيان، و ما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، والحسد والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة - وقد ذكر القوم كيفية دلالتها على المقام غير أن المهم بيان الأمور الأول قد استشكل في الاستدلال به للشبهات الحكمية بأمور أولها انه لا شك ان أكثر ما ذكر في الحديث الشريف موجود في الخارج كثير وجوده بين الأمة، مع أن ظاهر الاخبار عن نفى وجوده، فلابد من تقدير أمر في الحديث حسب دلالة الاقتضاء صونا لكلام الحكيم عن اللغوية والكذب، فالظاهر أن المقدر هو المؤاخذة غير أنه يصح فيما لا يطيقون وما اضطروا عليه وما استكرهوا عليه، واما ما لا يعلمون فان أريد منه الشبهة الموضوعية والمجهول من ناحية المصداق فيصح التقدير أيضا فان أريد منه الأعم أو نفس الحكم المجهول، فتقدير المؤاخذة يحتاج إلى العناية ثم إن بعض أعاظم العصر أجاب عن الاشكال بأنه لا حاجة إلى التقدير فان التقدير انما يحتاج إليه إذا توقف تصحيح الكلام عليه كما إذا كان الكلام اخبارا عن أمر خارجي أو كان الرافع رفعا تكوينيا فلابد في تصحيح الكلام من تقدير أمر يخرجه عن الكذب، واما إذا كان الرفع تشريعيا فالكلام يصح بلا تقدير فان الرفع التشريعي كالنفي التشريعي ليس اخبارا عن أمر واقع بل انشاء لحكم يكون وجوده التشريعي بنفس الرفع والنفي كقوله صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا ضرار، وقوله عليه السلام لا شك لكثير الشك ونحو ذلك مما يكون متلو النفي أمرا ثابتا في الخارج
(٢١٣)