الاستدلال على البراءة ببعض الآيات منها: قوله تعالى: لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتيه الله لا يكلف الله نفسا الا ما آتيها سيجعل الله بعد عسر يسرا بيان الاستدلال ان المراد من الموصول التكليف ومن الايتاء الايصال والاعلام ومعناها ان الله لا يكلف نفسا الا تكليفا اوصلها وبلغها، ويمكن بيانه بوجه آخر حتى ينطبق على ما سبقها من الآيات بان يقال: إن المراد من الموصول هو الأعم من الأمر الخارجي ونفس التكليف وان المراد من " الايتاء " الأعم من نفس الاقدار والإيصال، ويصير مفادها: ان الله لا يكلف نفسا تكليفا ولا يكلفه بشئ (كالانفاق) الا بعد الايصال والاقدار.
وفى كلا التقريرين نظر بل منع.
اما الأول فلان إرادة خصوص التكليف منه مخالف لمورد الآية وما قبلها وما بعدها نعم الظاهر أن قوله لا يكلف الله نفسا الا ما آتيها هو الكبرى الكلية وبمنزلة الدليل على ما قبلها كما يظهر من استشهاد الإمام عليه السلام بها في رواية عبد الأعلى حيث سئل أبا عبد الله هل كلف الناس بالمعرفة قال لا على الله البيان لا يكلف الله نفسا الا وسعها ولا يكلف الله نفسا الا ما آتيها ولعل المراد بالمعرفة هي المعرفة الكاملة التي لا يمكن الا بأقداره تعالى وتأييده لا مطلق العلم بوجود صانع للعالم الذي هو فطري ثم إن التعبير بالايتاء الذي بمعنى الاعطاء لا يبعد أن يكون مشاكلة لقوله فلينفق مما آتاه الله واما ثاني التقريرين فالمنع فيه أوضح لان إرادة الأعم من الموصول مع اسناد فعل واحد إليه غير ممكن في المقام، إذ لو أريد من الموصول نفس التكليف، ينزل منزلة المفعول المطلق ولو أريد مع ذلك الأمر الخارجي الذي يقع عليه التكليف يصير مفعولا به، وتعلق الفعل بالمفعول المطلق سواء كان نوعيا أم غيره يباين نحو تعلقه بالمفعول به، لعدم الجامع بين التكليف والمكلف به بنحو يتعلق التكليف بهما على وزان واحد، وان شئت قلت: المفعول المطلق هو المصدر أو ما في معناه المأخوذ من نفس الفعل، والمفعول به ما يقع عليه الفعل المباين معه، ولا جامع بين