وفيه: ان الفرق بين الانشاء والاخبار في احتياج أحدهما إلى التقدير دون الاخر كما ترى، فان الكلام في مصحح نسبته إلى المذكورات، فلو كان هناك مصحح بحيث يخرج الكلام عن الكذب واللغوية تصح النسبة مطلقا اخبارا كان أو انشاءا، وإن كان غير موجود فلا تصح مطلقا، والحاصل ان اسناد الشئ إلى غير ما هو له يحتاج إلى مناسبة وادعاء، فلو صح لوجود المناسبة يصح مطلقا بلا فرق بين الانشاء والاخبار أضف: إلى ذلك ان النبي والأئمة من بعده (عليهم السلام) ليسوا مشرعين حتى يكون الحديث المنقول عنه انشاءا، بل هو اخبار عن أمر واقع وهو رفع الشارع الأقدس، مضافا إلى أن الاخبار بداعي الانشاء لا يجعله انشاءا لا يسلخه عن الاخبارية فان الاخبار بداعي الانشاء لا يجعل الشيئ من قبيل استعمال الاخبار في الانشاء بل هو يبقى على اخباريته وإن كان الداعي إليه هو البعث والانشاء كما هو الحال في الاستفهام الانكاري و التقريري، فان كلمة الاستفهام مستعملة في معناها حقيقة وإن كان الغرض أمرا آخر مخرجا به عن المحذور، على أن الرفع التشريعي مآله إلى رفع الشيئ باعتبار آثاره و احكامه الشرعية وهو عين التقدير، (نعم) ما ادعاه (قدس سره) من عدم احتياجه إلى التقدير صحيح لا لما ذكره بل لأجل كون الرفع ادعائيا وسيأتى توضيحه فانتظر.
ثانيها: لا شك ان المراد من الموصول في " ما لا يطيقون، وما استكرهوا وما اضطروا " هو الموضوع الخارجي لا الحكم الشرعي لأن هذه العناوين الثلاثة لا تعرض الا للموضوع الخارجي دون الحكم الشرعي، فليكن وحدة السياق قرينة على المراد من الموصول في " مالا يعلمون " هو الموضوع المشتبه لا الحكم المشتبه المجهول فيختص الحديث بالشبهات الموضوعية.
الثالث: ان اسناد الرفع إلى الحكم الشرعي المجهول من قبيل الاسناد إلى ما هو له لان الموصول الذي تعلق الجهل به بنفسه قابل للوضع والرفع الشرعي واما الشبهات الموضوعية، فالجهل انما تعلق فيها بالموضوع أولا وبالذات وبالحكم ثانيا وبالعرض، فيكون اسناد الرفع إلى الموضوع من قبيل اسناد الشئ إلى غير ما هو له لان الموضوع بنفسه غير قابل للرفع بل باعتبار حكمه الشرعي ولا جامع بين