ثم إنه قدس سره بعدما استوجه وجود الجامع استشكل في التمسك بالاطلاق تارة بوجود القدر المتيقن حيث إن القدر المتيقن حسب سياق الآيات هو المال واخرى بان المستفاد منها عدم الكلفة من قبيل التكاليف المجهولة غير الواصلة إلى المكلف لا نفى الكلفة مطلقا ولو من قبل ايجاب الاحتياط، فيكون مفاده مساوفا لحكم العقل، فلو ثبت ما يدعيه الاخباري لصار واردا عليه " انتهى " وأنت خبير بما فيه، إذ وجود القدر المتيقن غير مضر في التمسك بالاطلاق كما أوضحناه في مبحث المطلق والمقيد، كما أن جعل الاحتياط لأجل التحفظ على التكاليف الواقعية لا يناسب مع سوق الآية، لان مساقها، مساق المنة والامتنان، والاخبار عن لطفه وعنايته، بأنه لا يجعل العباد في الكلفة والمشقة من جهة التكليف الا مع ايصالها، ومن المعلوم ان جعل الاحتياط تضييق على المكلف بلا ايصال، لان المرمى من الاحتياط هو التحفظ على الواقع، لا كونه طريقا موصلا إلى الواقع، فايجاب التحفظ في الشبهات البدوية، كلفة بلا ايصال ولا اعلام ثم إنه قدس سره استشكل ثالثا في التمسك بالاطلاق ما حاصله: ان مساقها مساق قوله عليه السلام ان الله سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فيكون دلالتها ممحضة في نفى الكلفة عما لم يوصل علمه إلى العباد لمكان سكوته وعدم بيانه واظهاره، لا نفى الكلفة مطلقا عما لم يصل علمه إلى العباد لاخفاء الظالمين " انتهى " وفيه ان ذلك بعيد عن مفاد الآية جدا إذ ح يصير من قبيل توضيح الواضح إذ مآلها حسب قول القائل إلى أن الله لا يكلف نفسا بما هو ساكت عنه، وهو كما ترى نعم يمكن منع التمسك بالاطلاق بطريق آخر - بيانه - ان معنى الاطلاق كما مر هو كون الطبيعة تمام الموضوع للحكم، فلو احتملنا دخالة شئ غير مذكور في الحكم، فنحكم به على عدم جزئيته وشرطيته، ولكن الاحتجاج به بعد انعقاد الظهور لما وقع تحت دائرة الحكم حتى يحتج بعدم تعرضه على قيد آخر، على عدم دخالته وهذا الشرط منتف في المقام، إذا لم يثبت ان المتكلم أراد المعنى الجامع الانتزاعي الذي يحتاج في تصور ارادته إلى تكلف أو أراد إحدى المعاني الاخر، ومع
(٢١١)