نعم، العناوين الثلاثة الأخيرة " الحسد، والطيرة والوسوسة " عناوين نفسية لا مناص فيها الا رفع ما هو آثار لانفسها، لعدم قابليتها على الطريقية وان لزم منه التفكيك الا ان هذا المقدار مما لابد منه، وان أبيت الا عن وحدة السياق، يمكن ان يقال: إن الرفع قد تعلق في الجميع بعناوين نفسية، حسب الإرادة الجدية، الا ان ذلك اما بذكر نفس تلك العناوين النفسية أو بذكر ما هو طريق إليها من الخطاء و النسيان أو بتوسط الموصول من دون تفكيك أو ارتكاب خلاف ظاهر، (الأمر الخامس) بعدما أثبتنا ان المرفوع في الحديث هو عموم الآثار، فهل يختص بالأمور الوجودية، أي رفع آثار أمور موجودة في الخارج إذا انطبق عليها إحدى تلك العناوين أو يعم، مثلا: لو نذر ان يشرب من ماء الفرات، فأكره على الترك، أو اضطر إليه أو نسى ان يشربه، فهل يجب عليه الكفارة بناء على عدم اختصاصها بصورة التعمد أولا، فيظهر عن بعض أعاظم العصر (قدس سره) اختصاصه بالأمور الوجودية حيث قال: إن شأن الرفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم، لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود، لان تنزيل المعدوم منزلة الموجود انما يكون وضعا لا رفعا، والمفروض ان المكلف قد ترك الفعل عن اكراه أو نسيان، فلم يصدر منه أمر وجودي قابل للرفع، ولا يمكن أن يكون عدم الشرب في المثال مرفوعا وجعله كالشرب حتى يقال إنه لم يتحقق مخالفة النذر فلا حنث ولا كفارة، والحاصل انه فرق بين الوضع والرفع فان الوضع يتوجه إلى المعدوم فيجعله موجودا ويلزمه ترتيب آثار الوجود والرفع بعكسه، فالفعل الصادر من المكلف عن نسيان أو اكراه يمكن ورود الرفع عليه، واما الفعل الذي لم يصدر من المكلف عن نسيان أو اكراه فلا محل للرفع فيه لان رفع المعدوم لا يمكن الا بالوضع والجعل، والحديث حديث رفع لا حديث وضع " انتهى ".
وفيه: ان ترك الشرب بعدما تعلق عليه النذر وصار ذات اثر يكون له ثبوت في عالم الاعتبار، إذ مالا ثبوت له ولو بهذا النحو من الثبوت لا يقع تحت دائرة الحكم