قلت: قد ذكر ذلك الاشكال بعض محققي العصر، غير أنه يظهر ضعفه بعد المراجعة بما حررناه في مبحث الاجزاء فان معنى حكومته على الأدلة الواقعية ليس الا تقييد الدليل الدال على جزئيته بغير حالة النسيان، أو تخصيصه بغير هذه الحالة، فلو اتى بالمركب الفاقد للجزء فقد امتثل الامر الواقعي، ولا معنى بعدم الاجزاء بعد امتثاله، وبعد الوقوف على ما ذكرنا يظهر لك انه لا يحتاج إلى اثبات كون حديث الرفع محددا لدائرة التكليف أو متعرضا إلى بعد حال النسيان أو غير ذلك مما هو مذكور في كلامه.
إذا عرفت ذلك يظهر لك الخلل فيما نقلناه عن بعض الأعاظم (قدس سره) إذ فيما افاده مواقع للانظار نشير إلى بعضها (منها) ان ما هو متعلق الرفع انما هو نفس الجزء المنسى بما له من الآثار وقد مر ان معنى رفعه اخراجه عن حدود الطبيعة المأمور بها، واما ترك الجزء فليس متعلقا له حتى يرد عليه ما أفاد: من أن الرفع لا يتعلق بالاعدام (منها) ان الأثر المرتب على الجزء والشرط انما هو الجزئية، وهى مما تنالها يد الجعل باعتبار منشأ انتزاعها ولا يحتاج في رفعها إلى اثر آخر حتى يقال إن الاجزاء وصحة العبادة من الآثار العقلية كما لا يخفى ومنه يظهر النظر في ثالث الوجوه التي ذكرها قدس سره فراجع فان قلت: انما يصح عبادة الناسي ويكون المركب الفاقد تمام المأمور به في حقه، فيما إذا أمكن تخصيص الناسي بالخطاب، واما مع عدم امكانه لأجل كون الخطاب بقيد انه ناس يوجب انقلاب الموضوع إلى الذاكر، فلا يمكن تصحيح عبادته قلت قد ذكر المشايخ (قدس الله اسرارهم) وجوها صححوا بها تخصيص الناسي بالخطاب وإن كان كلها غير خال عن التكلف الا ان التصحيح لا يتوقف على تخصيصه بالتكليف، بل الامر المتعلق بالصلاة في الكتاب والسنة كاف في التصحيح، فان الذاكر والناسي انما يقصد بقيامه وقعوده امتثال تلك الخطابات المتعلقة بالطبيعة التي منها قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل، والداعي إلى العمل والباعث نحو