الاستعمالية كانت ظاهرة في الدوام والبقاء ولهذا يقال إنها منسوخة وان شئت قلت كانت هناك اطلاق أو عموم يوهم بقاء الحكم في عامة الأزمنة، فاطلاق الرفع لأجل رفع تلك الأحكام الظاهرة في البقاء والدوام، ويشهد على ذلك قوله صلى الله عليه وآله " عن أمتي " وإن كان كل ذلك دفعا حسب اللب والجد، الا ان مناط حسن الاستعمال هو الاستعمالية من الإرادتين لا الجدية، بل لو كان الميزان للرفع هو اطلاق الاحكام في الشرايع السماوية يمكن أن يكون وجه استعمال الرفع في عامة الموضوعات التسعة لأجل ثبوت الحكم فيها في الشرائع السابقة على نحو الدوام والاستمرار.
واما " مالا يعلمون " فالرفع فيه لأجل اطلاق الأدلة وظهورها في شمول الحكم للعالم والجاهل بلا فرق كما هو المختار في الباب، نعم لو لم نقل باطلاق الأدلة فلا شك في قيام الاجماع علي الاشتراك في التكاليف، فالرفع لأجل ثبوت الحكم حسب الإرادة الاستعمالية لكل عالم وجاهل وإن كان الجاهل خارجا حسب الإرادة الجدية غير أن المناط في حسن الاستعمال هو الاستعمالي من الإرادة فتلخص كون الرفع بمعناها سواء كان الرفع بالحاظ رفع التسعة بما هي هي أو كان رفع تلك الأمور حسب الآثار الشرعية.
ثم إن بعض أعاظم العصر أفاد ان الرفع بمعنى الدفع حيث قال: إن استعمال الرفع مكان الدفع ليس مجازا ولا يحتاج إلى عناية أصلا، فان الرفع في الحقيقة يمنع ويدفع المقتضى عن التأثير في الزمان اللاحق لان بقاء الشئ كحدوثه يحتاج إلى علة البقاء فالرفع في مرتبة وروده على الشئ انما يكون دفعا حقيقة باعتبار علة البقاء وإن كان رفعا باعتبار الوجود السابق فاستعمال الرفع في مقام الدفع لا يحتاج إلى علاقة المجاز بل لا يحتاج إلى عناية أصلا بل لا يكون خلاف ما يقتضيه ظاهر اللفظ لان غلبة استعمال الرفع فيما يكون له وجود سابق لا يقتضى ظهوره في ذلك " انتهى " وفى كلامه مواقع للنظر " منها " ان اللغة والارتكاز قد تطابقا على أن معنى الرفع هو إزالة الشئ عن صفة الوجود بعد تحققه وتحصله، فعلى هذا فلو استعمل بمعنى الدفع فلا مناص عن العناية وما به