اعتمادهم عليها انما هو فيما إذا شك في أصل النقل لا مع العلم به والشك في تقدمه على الاستعمال وتأخره عنه - والمدرك لهذا الأصل عندهم في الأول هو حكم الفطرة الثابتة لهم من عدم رفع اليد عن الحجة بلا حجة، وعن الظهور الثابت بمجرد احتمال لا الاستصحاب العقلائي إذ هو مما لا أصل له كما سيوافيك (إن شاء الله) في محله وان عملهم عليه في بعض الموارد لإطمينانهم بالبقاء وعدم اعتدادهم باحتمال الخلاف لضعفه وهو غير مسألة الاستصحاب ولما عدم حجيته في القسم الثاني ولو مع العلم بتاريخ الاستعمال، فلعدم ثبوت ذلك منهم.
لو لم نقل بثبوت عدم تعويلهم عليه.
والعجب من شيخنا العلامة حيث ذهب إلى الاحتجاج بالقسم الأخير قائلا بان الحجة لا يرفع اليد عنها الا بحجة مثلها. وان الوضع السابق حجة فلا يتجاوز عنه الا بعد العلم بالوضع الثاني - وأنت خبير بان المتبع لديهم والحجة هو الظهور لا الوضع بنفسه، والعلم بتعاقب الوضعين من الشك في تقدم الثاني منهما على الاستعمال وتأخره عنه يمنع عن انعقاده كما هو ظاهر أضف إلى ذلك أنه لا معنى للفرق بين الأقسام بعد كون الوضع الأول هو المتبع مع عدم العلم بنقض الوضع الثاني للوضع الأول حال الاستعمال.
(ثم) انه قد يترائى من بعض المحققين تفصيل أعجب، فإنه حكم بجريان الأصل المزبور إذا علم تاريخ الاستعمال، وجهل تاريخ النقل، وأثبت به استعمال اللفظ في المعنى الأول لحجية مثبتاته، وحكم بلزوم التوقف فيما علم تاريخ النقل وجهل تاريخ الاستعمال، قائلا بان العقلاء ليس لهم بناء عملي في الاستعمال، كما أنه حكم بلزوم التوقف أيضا في مجهولي التاريخ لا لما قيل من تساقط الأصلين بالمعارضة بل لعدم احراز موضوع الأثر لأنه مترتب على عدم الوضع الجديد في ظرف الاستعمال، ومن المعلوم ان مفاد الأصل هو جر العدم في جميع اجزاء الزمان المشكوك فيه، لا اثباته بالإضافة إلى أمر آخر، وعليه لا يمكن احراز عدم الوضع حين الاستعمال به، لا لعدم احراز عنوان (المقارنة والتقييد) حتى يقال إن الأصل العقلائي حجة مع مثبتاته، بل لان نفس القيد أعني الاستعمال مشكوك فيه حين اجزائه كالوضع فلا يمكن احراز موضوع الأثر بالأصل نعم لو كان مفاد الأصل جر العدم بالإضافة إلى أمر آخر لأمكن احراز الموضوع في المقام لكنه خلاف التحقيق وهذا بخلاف القسم الأول إذ الأصل والوجدان هناك يحققان موضوع الأثر. (انتهى