نقل ودفع ربما يتوهم امتناع رجوع القيد إلى الهيئة، وما قيل في بيانه أو يمكن ان يقال وجوه (منها) ان معنى الهيئة بما انه من المعاني الحرفية مندك في متعلقها فلا يتوجه المتكلم إليه استقلالا والتقييد يحتاج إلى لحاظها استقلالا وهو لا يجامع كونه حرفيا، (وفيه أولا) ان التقييد كله سواء كان في الأسماء أم الحروف انما هو بلحاظ ثان استقلالا، إذ اللفظ الموضوع للطبيعة لا تستعمل الا في معناها، ولا يحكى الا عن نفس معناها، فإذا وصف بكونه مؤمنا أو عاد لا في قولك أكرم عالما عادلا يكون التوصيف بلحاظ آخر وقس عليه التقييد في المعاني الحرفية، إذ الهيئة لا تستعمل الا في معناها المطلق لا في المعنى المشروط، والتقييد يرد عليها في لحاظ آخر تقدم أو تأخر و (ح) تصير وقت التقييد من المعاني الاسمية ولا غبار في تقييدها.
وثانيا انه يمكن ان يقال إن التقييد لا يحتاج إلى اللحاظ الاستقلالي وإن كان لا يضر لحاظه ثانيا أيضا بل يكفي فيه ما هو حاصل في ضمن الكلام الذي يحكى عن الواقع إذا كان حكائيا أو يوجد معناه بنفس الاستعمال إذا كان ايجاديا لما عرفت ان الهدف الاعلى لأهل المحاورة انما هو النسب والإضافات فلو كانت النسبة حاكية عن خارج مقيد تكوينا فلا محالة قد تصور المتكلم في ذهنه صورة الخارج وأخبر عن الواقع المشهود بالألفاظ التي هي كالقوالب للمعاني، (فح) يقع الاخبار عن المقيد والقيد والتقييد من غير احتياج إلى لحاظ مستقل، ولكن الاكتفاء به في الايجاديات من دون لحاظ مستقل يحتاج إلى التأمل ومنها ان الهيئة موضوعة بالوضع العام للموضوع الخاص فيكون المعنى جزئيا حقيقيا غير قابل للتقييد (وفيه) ان التقييد وإن كان يلازم تضييقا في المقيد وهو فرع كونه أمرا وسيعا.
لكن التقييد في الجزئي الحقيقي ليس باعتبار ذاته بل باعتبار حالاته واطواره ولذا يجرى فيه مقدمات الحكمة لو وقع بشخصه موضوعا للحكم ومنها بان الهيئة في الامر والنهى للايجاد وهو آب عن التعليق لامتناع الايجاد المعلق إذ تعليق الايجاد مساوق لعدم الايجاد كما أن تعليق الوجود مساوق لعدم (وفيه) ان الخلط نشاء من اسراء حكم الحقايق إلى الاعتباريات التي لم تشم ولن تشم رائحة الوجود حتى يجرى عليه احكام الوجود و (لعمري) ان ذلك هو المنشأ الوحيد