كما أن حكم السلطان والقاضي عبارة عن نفس الانشاء الصادر منه في مقام الحكومة والقضاء لا الإرادة المظهرة بل لا يكفي في فصل الخصومة اظهار ارادته أو افهام رأيه ما لم يتكلم بلفظ نحو حكمت أو انفذت أو ما يفيد الحكم بالحمل الشايع (نعم) لو لم ينشأ البعث من الإرادة الجدية لا ينتزع منه الوجوب والايجاب وهو لا يوحب أن تكون الإرادة دخيلة في قوام الحكم أو تكون تمام حقيقته ويكون الاظهار واسطة لانتزاع الحكم منها بل اقصى ما يقتضيه ان يعد الإرادة من مبادئ الحكم كما فرضناه، (إذا عرفت ذلك) يتضح لك ان وجوب المشروط قبل تحقق شرطه ليس فعليا كما هو ظاهر تعليق الهيئة وانشاء البعث على تقدير لا يمكن أن يكون بعثا حقيقيا، الا على ذلك التقدير للزوم تخلف المنشأ عن الانشاء، إذ المفروض ان المنشأ انما هو الوجوب والايجاب على تقدير حصول شرطه فلا معنى (ح) للوجوب فعلا مع عدم شرطه، ونظيره باب الوصية إذ انشاء الملكية على تقدير الموت لا يفيد الملكية الفعلية بل يؤثر في الملكية بعد الموت (هذا) ولو قلنا إن الإرادة دخيلة في الحكم لا تكون دخالتها الا بنحو كونها منشأ للانتزاع واما كونها نفس الحكم ذاتا فهو خلاف الضرورة وعليه لا ينتزع من الإرادة المعلقة على شئ الا الوجوب على تقدير لا الوجوب الفعلي فتلخص ان البعث على تقدير كالإرادة على تقدير لا يكون ايجابا فعليا ولا منشأ له كذلك فان قلت إن الوجوب بما انه أمر اعتباري يصح التعليق فيه وهذا بخلاف الإرادة فإنها من مراتب التكوين وامتناع التعليق في التكوين ضروري وقولك ان الإرادة هنا على تقدير يوهم ذلك قلت إن المراد من الإرادة على تقدير ليس معناه عدم الإرادة فلا ولا التعليق في نفس الإرادة بل المراد إرادة ايجاب شئ من المأمور على تقدير فالإرادة التشريعية هنا فعلية لكن تعلق بايجاب شئ على تقدير ولذلك لا ينتزع منه الوجوب الفعلي بل الوجوب على تقدير وهو يساوق الانشائية و (بالجملة) تعلقت إرادة فعلية بالبعث على تقدير ففي مثله لا ينتزع الوجوب الفعلي ففرق بين التقدير في الإرادة أو في انشاء البعث بها (وليعلم) ان قولنا بان الإرادة التشريعية هنا فعلية وتعلق بفعليتها بايجاب شئ على تقدير، لا ينافي مع ما اخترناه من أن الإرادة والحكم في الواجب المشروط غير فعلى خلافا لبعض محققي العصر (وجه
(١٧٧)