وبهذه الملاحظة أمكن دعوى اختلاف المقدمات في الانتساب إلى العقل والشرع والعادة بمناط اختلافهم في مناط المقدمية الذي هو جهة إناطة أحدهما بالآخر.
ثم لا اشكال في دخول المقدمات العقلية والشرعية والعادية بالمعنى الأول في حريم النزاع فيصير مقدمية نصب السلم من قبيل المقدمات العادية لكونه على السطح قبال الطهارة التي [تكون] من المقدمات الشرعية و [تحصيل] الماء الذي هو من المقدمات العقلية.
واما المقدمات العادية بالمعنى الثاني كاعتياده بحركة قبل صلاته مثلا ففي دخوله في حريم النزاع بحث ربما يجزم بخروجه عن مركز البحث; إذ المدار في المقدمية على اقتضاء انتفاء ذيه وهذا المعنى لا يكاد يتحقق في مثله غاية الأمر يدخل ذلك في باب المقدمية الغالبية لا مطلقا وهو أجنبي عن محل الكلام فتدبر.
ومنها: تقسيمهم المقدمات إلى المقتضي والشرط وعدم المانع والمعد.
ومنشأ هذا التقسيم أيضا ليس إلا بلحاظ اختلاف المقدمات في أنحاء دخلها في وجود ذيها بعد اشتراك الجميع في أصل الدخل الموجب لانتفاء ذيها بانتفائها.
وتوضيح الحال في هذا المقام بأن يقال:
إن المقدمة تارة كان شأنها اعطاء وجود ذيها بحيث يخرج وجود ذيها من كمونه.
وتارة ليس شأنها ذلك بل كان شأنها تحديد دائرة الوجود بنحو يكون بهذا الحد قابلا للتحقق خارجا أو قابلا للتأثير في المقصود ومرجع هذا النحو من الدخل ليس إلى تأثير المقدمة في وجود شئ لعدم كون الحد من سنخ الوجود بل مرجعه إلى تضييق دائرة الوجود بحد يكون بذلك الحد قابلا للتحقق خارجا أو قابلا للتأثير في الغرض المقصود.