عليها خال عن الرجحان بالمرة ليكون النقص الحاصل من الخصوصية مقاوما لرجحان أصل الطبيعة وزائدا عليها، وعلى هذا فيكون المباح على طباق المعنيين المذكورين هو ما لا يكون فيه زيادة ولا نقيصة بالنسبة إلى أصل الطبيعة - كالصلاة في البيت - فرجحان الفعل مع عدم المنع من النقيض على الوجه المذكور كمرجوحيته كذلك ومساواته لا ينافي بوجه من الوجوه وجوب الفعل ورجحانه على تركه رجحانا مانعا من النقيض. فما ذكره بعض الأفاضل - من أن ما ذكر لا يسمن ولا يغني من جوع، فإن مطلوبية الترك المتعلق بهذا الشخص من الصلاة من جهة هذا النهي لا يجتمع مع مطلوبية الفعل من جهة مطلق الأمر بالصلاة، مع أنك قد اعترفت بأن الخصوصية أوجبت نقصا لهذا الفرد الموجود عن أصل العبادة، فمع هذه المنقصة إما أن يطلب فعلها بدون تركها أو تركها كذلك أو كلاهما، فإنه لا يمكن بحسب الواقع خلوها عن أحد الوجوه الثلاثة، فعلى الأول يلزم انتفاء الكراهة وعلى الثاني انتفاء الوجوب وعلى الثالث يلزم المحذور - بين الاندفاع ونحن نقول: إن أردت بكون المطلوب فعلها دون تركها أن يكون فعل الصلاة على الوجه الناقص مطلوبا على سبيل المنع من تركها بالمرة أعني أعم من إتيانها على الوجه الناقص أو الكامل على ما هو الشأن في المنع من الترك المأخوذ في الواجبات التخييرية، فإنه انما يؤخذ على الوجه الأعم من ترك ذلك الفعل وبدله - حسب ما مر بيانه في محله - فنختار أن هذا الوجه هو المقصود في المقام. قولك:
إنه يلزم حينئذ انتفاء الكراهة مدفوع، بأنه إن أريد بذلك انتفاء الكراهة بمعناها المعروف فمسلم وعليه مبنى الجواب المذكور، وان أريد انتفاؤها بالمعنى الذي ذكرناه فممنوع، إذ لا مانع من أن لا يكون ترك الفعل من أصله على وجه يعم ذلك وغيره من أبداله مطلوبا ومع ذلك يكون ترك الفعل الخاص مطلوبا بالإضافة إلى بدله فيراد تركه لاختيار بدله نظرا إلى اشتماله على المنقصة وخلو البدل عنها، فإنه لا تضاد بين الوجوب والكراهة بالمعنى المذكور وإنما المقابلة بينه وبين الكراهة بمعناها المشهور. وإن أردت بكون المطلوب فعلها دون تركها أن لا يكون الترك