والموافقة لمفهوم اللغة، وعندي فيه تأمل سيجئ تفصيل القول فيه في بحث الأخبار إن شاء الله.
ثم إنه ذكر الفاضل المذكور أنا لو سلمنا تعميم التبين للظن أيضا حتى يشمل التبين الحاصل بالشهرة كانت الآية الشريفة ظاهرة في حجية الشهرة بنفسها مطلقا، سواء كانت هناك رواية، أو لا. فيكون ذلك إذن دليلا آخر على حجيتها.
تقريره: ظهور الآية حينئذ في أن الاعتماد في الحكم بمضمون الخبر في الحقيقة إنما هو على التبين دون الخبر، فليس رخصة العمل بالخبر بعد التبين إلا من حيث كونه الكاشف عن صدقه، والدليل عليه، فتكون الشهرة هي الحجة على إثبات مضمونه، وذلك قاض بحجية الشهرة مطلقا ولو خلت عن الرواية، إذ المفروض أنها المناط في العمل، وأنها المبين للواقع والكاشف عن الحق. والاعتبار القاطع شاهد على أن الرواية لا مدخل لها في وصف كون الشهرة مبينة ولا في رخصة العمل بها بعد حصول البيان من جهتها، وذلك لأن الرواية الضعيفة بنفسها لا محصل لها إلا التردد بين احتمالي الصدق والكذب، ولو ترجح الأول رجحانا ضعيفا فهو غير معتبر في نظر الشارع، إذ وجود ذلك الرجحان كعدمه، واحتمال صدقها وكذبها متساويان في حكم الشارع، فإذا صلحت الشهرة أن تكون دليلا على صحة أحد الجانبين والحكم بأحد الاحتمالين صح كونها دليلا على تعيين أحد الاحتمالين القائمين، كذلك في كل مسألة سواء كانت هناك رواية أو لا، لما عرفت من أن الدليل الباعث على تعيين أحد الاحتمالين إنما هو الشهرة دون الخبر، لكون الاحتمالين على حالهما قبل ورود الخبر وبعده، فدلت الآية الشريفة حينئذ على حجية الشهرة دون الخبر المنجبر بها.
قلت: لو تم ما ذكره لكانت الآية الشريفة دليلا على حجية الظن مطلقا من غير اختصاص لها بالشهرة، لكنك بعد التأمل في ما قررناه خبير بضعفه، فإن حصول الظن بصدق الخبر والوثوق به غير حصول الظن بالحكم ابتداء من غير أن يكون هناك خبر يوثق به. وما يستفاد من الآية الشريفة بناء على ما ذكر هو حجية الخبر