أو العمل بالمرجوح دون الراجح، أو بالعكس. لا سبيل إلى الأول والثاني والثالث فلم يبق سوى الرابع، وهو المطلوب. وأشار إليه في النهاية أيضا في ذيل الحجة الآتية.
والجواب عنه المنع من بطلان التالي. ودعوى البداهة فيه ممنوعة، إذ قد يؤخذ فيه بالاحتياط، وهو مع كونه عملا بخلاف المظنون حسن عند العقل قطعا، فليس مجرد العمل بخلاف المظنون مرجوحا عند العقل، وقد يؤخذ فيه بالأصل نظرا إلى توقف تعلق التكليف في نظر العقل بإعلام المكلف، وحيث لا علم فلا تكليف، إلا أن يثبت قيام غيره مقامه، كيف؟ ولو كان ترجيح المرجوح في العمل على الراجح المفروض بديهي البطلان لكانت المسألة المفروضة ضرورية، إذ المفروض فيها حصول الرجحان مع أنها بالضرورة ليست كذلك، بل مجرد رجحان حصول التكليف في نظر العقل لا يقضي بوجوب الأخذ بمقتضاه والقطع بتحقق التكليف على حسبه كما زعمه المستدل إذا لم يقم هناك دليل قاطع على وجوبه، كيف؟ وهو أول الدعوى، بل نقول: إن رجحان حصول الحكم في الواقع لا يستلزم رجحان الحكم بمقتضاه، لإمكان حصول الشك حينئذ في حسن الحكم أو الظن بخلافه، بل والقطع به أيضا، فلا ملازمة بين الأمرين فضلا عن القول بوجوب الحكم بذلك والقطع به، كيف؟ ويحتمل عند العقل حينئذ حصول جهة الحظر في الإفتاء بمقتضاه، ولحوق الضرر عليه من جهته، ومعه لا يحكم العقل بجواز الإقدام عليه بمجرد الرجحان المفروض.
فظهر بذلك: أن ما ذكر من كون الحكم بالراجح راجحا على نحو رجحان المحكوم به غير ظاهر، بل فاسد، فلا مرجوحية إذن لترك الحكم ولا للحكم بجواز كل من الفعل والترك في ما يصح فيه الأمران، نظرا إلى عدم قيام دليل قاطع للعذر عليه، وكأنه أشار إلى ذلك في الإحكام مشيرا إلى دفع الحجة المذكورة قائلا بأنه لا مانع من القول بأنه لا يجب العمل ولا يجب الترك، بل هو جائز الترك، على أنه لو تم الاحتجاج المذكور لقضى بحجية الظن مطلقا من غير أن يصح اخراج شئ