عند انسداد باب العلم قطعا أخذا بما هو الأقوى والأحرى والأقرب إلى الواقع مع عدم إمكان العلم به.
ثانيها (1): أن ما ذكر في المقدمة الثانية " من أن الطريق إلى الوصول إلى الأحكام هو العلم مع الإمكان " إن أريد به أن الطريق أولا إلى الواقع هو ما يعلم معه بأداء التكليف في ظاهر الشريعة وحصول الفراغ عن الاشتغال في حكم الشرع فمسلم، ولا يلزم منه بعد انسداد طريق العلم به - ولو باعتبار العلم بأداء المكلف به بحسب الواقع نظرا إلى توقف اليقين بالفراغ عليه مع عدم قيام دليل على الاكتفاء بغيره من سائر الطرق - إلا الرجوع إلى الظن بما جعله الشارع طريقا إلى معرفة ما كلف به، فيقوم ذلك مقام العلم به، بل يحصل منه العلم أيضا بعد ملاحظة ذلك وإن كان في المرتبة الثانية. ولا ربط لذلك بحجية الظن المتعلق بخصوصيات الأحكام كما هو مقصود المستدل.
وإن أريد به أن الطريق أولا هو العلم بالأحكام الواقعية فينتقل بعد انسداد سبيله مع العلم ببقاء التكليف إلى الأخذ بالظن بها فهو ممنوع، بل القدر اللازم منه أولا هو ما عرفت من العلم بأداء التكليف شرعا كما مر تفصيل القول فيه، وكون الطريق المقرر أولا في الشريعة هو العلم بالأحكام الواقعية ممنوع، وليس في الشرع ما يدل على لزوم تحصيل العلم بكل الأحكام الواقعية، بل الظاهر أنه مما لم يقع التكليف به مع انفتاح طريق العلم لما في إناطة التكليف به من الحرج التام بالنسبة إلى عامة الأنام، بل المقرر من الشارع طرق خاصة لأخذ الأحكام كما قرر طرقا خاصة للحكم بالموضوعات التي أنيط بها الأحكام، ونزلها منزلة العلم بها.
وقد مر تفصيل القول في تضعيف ما قد يقال من إناطة التكليف بالواقع وأنه لا بد من القطع بالواقع في خصوصيات المسائل، وعدم الاكتفاء بالطرق الظنية إلا بعد انسداد سبيل العلم كما هو مبنى الاحتجاج المذكور.
ومحصل الكلام: أن الطريق أولا إلى الواقع هو ما قرره الشارع وجعله طريقا