جزئيات ذلك الدليل وكون الأخذ به من جهة الاندراج تحت الأصل العام ليكون المناط في حجيته هي الجهة العامة، وهو ظاهر.
ومع الغض عن ذلك نقول: إن كون الطريق بعد القطع ببقاء التكليف وانسداد سبيل العلم به وعدم ثبوت طريق آخر هو الظن بذلك أمر واضح في نظر العقل لا مجال لإنكاره، فإذا لوحظ ذلك بالنسبة إلى نفس الأحكام قضى بحجية الظن المتعلق بها من أي طريق كان إن لم يثبت هناك طريق خاص، وإذا لوحظ بالنسبة إلى الطريق المقرر لاستنباط الأحكام كالرجوع إلى الكتاب والسنة بعد ثبوت مطلوبية الأخذ بذلك الطريق بعد انسداد سبيل العلم بتفصيل ما هو الحجة منه قضى ذلك بحجية الظن المتعلق به مطلقا إن لم يثبت هناك خصوصية لبعض الوجوه.
وحينئذ نقول: إنه إذا [لوحظ هذان الأمران قضى العقل بتقديم الثاني على الأول] (1) ثبت بذلك حجية الظن بحجية بعض الطرق لاستنباط الأحكام إذا كان كافيا في الاستنباط قضي بانصراف ما دل على حجية الظن في الجملة إلى ذلك، فإن ما يستفاد منه هو حجية جميع الظنون المتعلقة بالواقع، إلا إذا ثبت هناك طريق خاص للاستنباط، والمفروض هنا ثبوت الطريق المذكور فلا يثبت من ملاحظة الوجه الأول ما يزيد على ذلك، فإن حجية الظن على خلاف الأصل وإنما يقتصر فيه على القدر الثابت، وحيث لا يكون ترجيح بين الظنون يحكم بحجية الكل، لعدم المناص عن الأخذ به وعدم ظهور الترجيح بين الظنون، وبعد ثبوت هذا الوجه الخاص والاكتفاء به في الاستنباط لا يحكم العقل قطعا بعد ملاحظة الوجه الأول بحجية ما عدا ذلك من الظنون.
السابع:
إنه لا شك في كون المجتهد بعد انسداد باب العلم مكلفا بالإفتاء وأنه لا يسقط عن التكليف المذكور من جهة انسداد سبيل العلم.
ومن البين أن الإفتاء فعل كسائر الأفعال يجب بحكم الشرع على بعض