اندراجه في المفهوم على الوجهين وهو خلاف ما يقتضيه الرجوع إلى المخاطبات العرفية، حيث إن المفهوم منها إرادة الشائع دون الحكم به من جهة الاجمال - حسب ما قررنا - وهو ظاهر. وأيضا لو كان الوجه فيه ما ذكر لزم الرجوع إلى الأصل، وهو كما يقتضي الاقتصار على الأفراد الشائعة فقد يقتضي التعميم - كما إذا كان الحكم المدلول عليه موافقا للأصل - فيكون ذلك قاضيا في مقام الفقاهة بثبوت الحكم للأعم، بل قد يقال بكون الأصل مرجحا لحمله عليه أيضا.
ويمكن أن يقال: إن الكلام في المقام في بيان ما يستفاد من اللفظ والأصل المذكور إنما يعمل عليه في مقام الفقاهة ولا يقضي باستفادته من اللفظ، فلا يصح جعله مرجحا لحمل اللفظ عليه. وأما ثبوت الحكم للأفراد الشائعة فهو مستفاد من اللفظ دون غيره نظرا إلى الوجه المذكور من جهة الاجمال المفروض، فيكون القدر الثابت من اللفظ هو ثبوت الحكم للأفراد الشائعة دون غيره، فمقتضاه الأصل بثبوت الحكم للأعم غير أن يكون ذلك هو القدر المستفاد من اللفظ كما يقتضيه الوجه المذكور وذلك هو الملحوظ في المقام.
وفيه: أن ذلك لا يتم على التقرير المذكور أيضا، إذ قد يكون قضية الأخذ بالمتيقن حمله على الأعم فيكون ذلك هو القدر المستفاد عن اللفظ كما إذا علق عليه تكليف وجودي - كما إذا قال " إذا لم يأتك الانسان فاقتل زيدا " فإنه إن حمل على الأفراد الشائعة وجب القتل عند عدم مجيئه ولو جاءه غير الشائع، وهو خلاف الأصل، فالقدر الثابت من الاجمال هو وجوب القتل عند عدم مجئ الشائع وغيره، ولا بد من الاقتصار عليه حتى يقوم دليل على الوجوب عند عدم مجئ الشائع - نظير ما قررنا هناك -.
فالحق أن يقال: إن انصراف المطلق إلى الشائع إنما هو من جهة غلبة إطلاق المطلق عليه من دون لزوم تجوز ولا نقل ولا التزام وضع جديد.
وتوضيح الكلام فيه: أنك قد عرفت أن إطلاق الكلي على الفرد غير استعماله في خصوص الفرد، وأنه لا يستلزم ذلك تجوزا في اللفظ وإن كانت الخصوصية