ومن البين أنه لا معنى لوجود الكلي في ضمن فرد ما، لأنه لا وجود له إلا في ضمن فرد معين. فوجود الكلي واتحاده مع الفرد إنما يصح في الفرد الموجود الذي هو مصداق فرد ما لا مفهوم فرد ما المطلوب هنا من المعرف بلام الجنس، فإن المفهوم المذكور مما لا وجود له حتى يتحقق الطبيعة في ضمنه.
وبالجملة: مقتضى ما ذكروه أن المراد بالمفرد المعرف باللام إذا أطلق وأريد منه العهد الذهني هو الطبيعة بشرط وجودها في ضمن فرد ما لا حال وجودها في الأعيان الخارجية، ولا معنى محصل لذلك إلا إرادة مفهوم فرد ما من الطبيعة من اللفظ ولا شبهة أن مفهوم فرد ما مغاير للطبيعة المطلقة ولا وجود له.
نعم، مصداق فرد ما يتحد معها في الوجود وليس بمراد جزما، فهذا من باب اشتباه العارض بالمعروض.
فإن قلت: هذا بعينه يرد على قولك " جئني برجل " فإنه أريد به الماهية بشرط الوجود في ضمن فرد ما يعنى مصداق فرد ما لا مفهوم فرد ما، فلم قلت هنا: إنها حقيقة، ولم تقل فيما نحن فيه؟
قلت: كونها حقيقة من جهة إرادة النكرة الملحوظة في مقابل اسم الجنس وله وضع نوعي من جهة التركيب مع التنوين ونفس معناه فرد ما وهو أيضا كلي وطلبه يرجع إلى طلب الكلي لا طلب الفرد ولا طلب الكلي في ضمن الفرد. فالمطلوب منه فرد ما من الرجل لا طبيعة الرجل الحاصلة في ضمن فرد ما، إلا أن الإتيان بالكل يتوقف على الإتيان بمصداق فرد ما وهو فرد معين في الخارج بتعيين المخاطب. فلو أردت من قولك " جئني برجل " جئني بالطبيعة الموجودة في ضمن الفرد فهو مجاز أيضا، لعدم الوجود بالفعل اللازم لصحة الإطلاق بالفعل بخلاف " هذا الرجل " مشيرا إلى الطبيعة الموجودة بالفعل في ضمن فرد. ثم قال: ومع هذا كله فالعجب من هؤلاء أنهم أخرجوا العهد الخارجي عن حقيقة الجنس وهو أولى بالدخول. ولعلهم توهموا أن ها هنا لما أطلق وأريد الفرد بخصوصه فهو مجاز.
وهو توهم فاسد، لأن هذا ليس معنى إرادة الخصوصية - كما بينا - فإن قولنا " هذا