اعتبار زائد لا حاجة إليه مع إرادة الجنس أو الاستغراق، إذ يمكن الاهتداء إليهما من دون ملاحظة كونهما معهودا بخلاف ما لو كان إشارة إلى الحصة إذ تعريف الحصة المخصوصة إنما يكون بالعهد.
وأنت خبير: بأن ما ذكر إنما يفيد عدم لزوم اعتبار العهدية عند إرادتهما لا عدم صحته لو اعتبرت. غاية الأمر أن لا يكون فائدة في اعتبارها على أنه يتصور فيه بعض الفوائد أيضا كما لا يخفى.
ثم إن ما ذكره من تخصيص العهد بكونه بين المتكلم والمخاطب غير متجه أيضا، إذ يكفي فيه المعهودية عند المخاطب إذا علم به المتكلم وإن لم يكن معهودا بينهما. ولذا فسره نجم الأئمة بالتي عهد المخاطب مطلوب مصحوبها قبل ذكره وهو ظاهر إطلاق العبارة المنقولة عن بدر الدين. وقد يقال: إن مراده بمعهوديته بينهما مجرد علمهما به ولا يخفى بعده عن العبارة. ثم إن العهد قد يكون خارجيا، كقولك: خرج الأمير وحكم القاضي، إذا لم يكن في البلد أميرا وقاضيا مشتهرا غيره، وقد يكون ذكريا إما مصرحا به سابقا كقوله تعالى * (كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول) * (1) أو مذكورا ضمنا وقد يعبر عنه بالعهد التقديري كما في قوله تعالى * (وليس الذكر كالأنثى) * (2) فإن خصوص الذكر غير مذكور سابقا لكن قولها * (نذرت لك ما في بطني محررا) * (3) يدل عليه بالالتزام، وقد يكون حضوريا إما محسوسا كقولك لمن يشتم رجلا بحضرتك: لا تشتم الرجل، أو غيره كما في قوله تعالى * (الآن وقد عصيت قبل) * (4) و * (اليوم أكملت لكم دينكم) * (5) هذا واعلم أن الفرق بين كل من الجنس والاستغراق واضح لا خفاء فيه. وقد يفرق بينهما وبين العهد بأن العهد إشارة إلى الحصة بخلاف الآخرين، فإن أحدهما إشارة إلى نفس الطبيعة الحاضرة والآخر إلى جميع الأفراد. وفيه: ما قد