والعدالة من هذا القبيل فالمعتبر في الطبيب وأهل الخبرة والمزكي هو كونه معتمدا بحيث يحصل الظن فليس ذلك من باب الرواية ولا من باب الشهادة فخبر هؤلاء بالنسبة إلى كون ما ذكروه مطابقا لنفس الامر بمقعدهم وبحسب ظنهم واعتبار العدالة في هؤلاء لأجل حصول الاعتماد بعدم كذبهم في ذلك وعدم مسامحتهم في اجتهادهم فبهذا يحصل الظن بل قد يكتفي بما يحصل الظن وإن كان أهل الخبرة فاسقا بل وكافرا أيضا بل وظاهر الفقهاء جواز الاعتماد على كلام الأطباء إذا أفاد الوثوق مطلقا وهو مقتضى الأخبار الواردة في مسألة القيام في الصلاة ويقتضي ذلك تخصيص آية التثبت عند خبر الفاسق بما لم يفد الظن فالأصل يقتضي الاكتفاء بالواحد في مطلق التزكية إلا أن تزكية الشاهد خرج بالدليل من الاجماع كما ادعى بعضهم أو لأجل ما ذكرنا من مقابلة حق المسلم ولذلك خص حمل أفعال المسلمين وأقوالهم على الصحة بما لو لم يعارضه مثله أو أقوى منه مع تأمل في الأخير لكون الخبر أيضا قد يكون كذلك كما أشرنا من أنه أيضا قد يثبت حقا على أحد بالآخرة ولكن يبقى الاشكال الذي أوردناه أولا من أن العدالة شئ واحد والمشروط بالعدالة مشروط بماهية العدالة فمتى ثبت سبب ثبوت العدالة فيتحقق العدالة في الخارج ويحصل شرط القبول في مشروطها فما معنى الفرق وأي معنى للاجماع على ثبوت العدالة في الرواية دون الشهادة ويمكن دفعه بأن المراد أن قبول شهادة العدل موقوف على كون مزكيه اثنين دون الرواية لا أن ثبوت العدل فيها مشروط بتزكية اثنين دون الرواية فهو شرط لقبول العدلين لا لثبوت العدالة وأما مثل مترجم القاضي واخبار المقلد مثله بفتوى المجتهد وإعلام المأموم الامام بوقوع ما شك فيه واخبار النائب عن إيقاع الحج و نحو ذلك فيكفي فيه الواحد لأنه خبر ويعتبر فيه العدالة الظنية الحاصلة من تزكية واحد وأما مثل الاخبار عن القبلة أو الوقت أو نحو ذلك فإن كان المراد الاخبار عن القبلة التي بناء عمل المسلمين عليها في هذا البلد وكذا الوقت فهو اخبار وإن كان المراد الاخبار عن اجتهاده فهو مثل ما مر من أنه خبر عن مطابقة ما اجتهد فيه فالخبر المطلق إما فتوى من فقيه أو من هو في معناه من أهل الخبرة أو شهادة أو مجرد اخبار عن نفس الامر ويختلف احكامها حسب ما ذكرنا فلاحظ وتأمل وميز بينها حتى يختلط عليك الامر واما على الثالث فإثبات اشتراط العدالة إما من جهة أية النبأ وقد مر الكلام فيه و مقتضاه كفاية المزكي وأما من جهة الاجماع والاجماع لم يثبت على أزيد من العدالة الثابتة بمزك واحد فلنرجع إلى ذكر أدلة الأقوال أما على المذهب المختار فإما بناء على الدليل الخامس كما هو المعتمد في الاستدلال فظاهر لحصول الظن بتزكية الواحد واما على غيره من الأدلة فلآية النبأ
(٤٧٠)