يحصل البراءة منه إلا بالاتيان بالمقيد وإنما يتم كلام المعترض لو سلمنا أنا مكلفون بعتق رقبة ما ولكن لا نعلم هل يشترط الايمان أم لا فحينئذ يمكن نفيه بأصل البراءة وليس كذلك بل نقول بعد تعارض المجازين وتصادم الاحتمالين يبقى الشك في أن المكلف به هل هو المطلق أو المقيد وليس هيهنا قدر مشترك يقيني يحكم بنفي الزايد عنه بالأصل لان الجنس الموجود في ضمن المقيد لا ينفك عن الأصل ولا تفارق بينهما فليتأمل والثالث ذكر سلطان العلماء رحمه الله أنه يمكن العمل بهما من دون إخراج أحدهما عن حقيقته بأن يعمل بالمقيد ويبقى المطلق على إطلاقه فلا يجب ارتكاب تجوز حتى يجعل ذلك وظيفة المطلق وذلك لان مدلول المطلق ليس صحة العمل بأي فرد كان حتى ينافي مدلول المقيد بل هو أعم منه ومما يصلح للتقييد بل المقيد في الواقع ألا ترى أنه معروض للقيد كقولنا رقبة مؤمنة إذ لا شك أن مدلول رقبة في قولنا رقبة مؤمنة هو المطلق وإلا لزم حصول المقيد بدون المطلق مع أنه لا يصلح لأي رقبة كان فظهر أن مقتضى المطلق ليس كذلك وإلا لم يتخلف عنه وفيه أن مدلول المطلق وإن لم يكن ما ذكره ولكن مقتضاه هو ذلك بالوجهين اللذين سنذكرهما فمقتضاه ينافي مقتضى المقيد ولا يمكن الجمع بين مقتضاه ومقتضى المقيد بدون تصرف وإخراج عن الظاهر وقوله بل هو أعم إلخ إن أراد أن مدلول المطلق هو الامر الدائر بين الامرين أعني أي فرد كان على البدل والمقيد فهو باطل جزما لان مدلوله الحصة الشايعة والماهية لا بشرط كما مر وإن أراد أنه معنى عام قابل لصدقه على المعنيين فهو صحيح ولكن مقتضاه صحة العمل بأي فرد كان منه وإن كان بضميمة حكم العقل لان الطبيعة يوجد في ضمن أي فرد يكون والامتثال بها يحصل بالاتيان بأي فرد كان منه وأيضا الأصل براءة الذمة عن التعيين فهو يقتضي التخيير في الافراد ولا ريب أن هذا ينافي مقتضى المقيد والظاهر أن مراد القائل هو الشق الأول من الترديد لأنه ذكر في موضع آخر أن المراد من المطلق كرقبة ليس أي فرد كان من أفراد الماهية على البدل بل ربما كان مدلوله معينا في الواقع وإن لم يكن اللفظ مستعملا في التعيين بل هذا أظهر وأكثر في الاخبار نعم في الأوامر يحتمل الاحتمالين فلا يكون التقييد تخصيصا وقرينة على المجاز انتهى ملخصا وأنت خبير بأن كل ما يتعلق به الحكم الشرعي على سبيل التعيين في الواقع فلا بد أن يكون معرفة المخاطب للتعيين مقصودا فيه من الشارع سواء قارنه ذكر التعيين أو فارقه وسواء كان في صورة الاخبار كقوله تعالى أحل الله البيع أو في صورة الانشاء أمرا كان كأعتق أو نهيا لتمكن الامتثال فذكر لفظة المطلق وإرادة المعين الواقعي مجاز جزما نعم ربما يصح ذلك
(٣٢٦)