أن يصير بعض أحكام النبي صلى الله عليه وآله والإمام عليه السلام بديهيا للنساء والصبيان بحيث يحصل لهم العلم بالبديهة أنه من دين نبيهم ومذهب إمامهم بسبب كثرة التضافر والتسامع فكذا يجوز أن يصير بعض أحكامه يقينيا نظريا للعلماء بسبب ملاحظة أقوال العلماء وفتاوي أهل هذا الدين والمذهب إذ الغالب في الضروريات أنه مسبوق باليقين النظري فكيف يمكن حصول المسبوق بدون حصول السابق وبالجملة فعلى هذه الطريقة الاجماع عبارة عن اجتماع طائفة دل بنفسه أو مع انضمام بعض القرائن الاخر على رضا المعصوم عليه السلام بالحكم ويكون كاشفا عن رأيه فلا يضره مخالفة بعضهم ولا يشترط فيه وجود مجهول النسب ولا العلم بدخول شخص الإمام عليه السلام فيهم ولا قوله عليه السلام فيهم ولا يتفاوت الامر بين زمان الحضور والغيبة ويعلم من ذلك أنه لا يشترط وحدة العصر في تعريفهم الاجماع أيضا بل يجوز انضمام أهل عصر آخر في إفادة المطلوب فإن قلت أمثال ذلك لا تكون إلا من ضروريات الدين أو المذهب قلت إن كنت من أهل الفقه و التتبع فلا يليق لك القول بذلك وإن لم تكن من أهله فاستمع لبعض الأمثلة تهتدي إلى الحق فنقول لك قل أي ضرورة دلت على نجاسة ألف كر من الجلاب بملاقاة مقدار رأس إبرة من البول فهل يعرف ذلك العوام والنسوان والصبيان وهل يعلم ذلك العلماء الفحول من جهة الأخبار المتواترة مع أنه لم يرد به خبر واحد فضلا عن المتواتر فإن قلت أنهم قالوا في ذلك هذا القول من غير دليل فقد جفوت عليهم جدا وإن قلت دليلهم غير الاجماع من آية أو عقل أو غيره فأت به إن كنت من الصادقين وإلا فاعتقد بأن الدليل هو الاجماع بل مدار العلماء في جميع الأعصار والأمصار على ذلك ووافقنا المنكرون على ذلك من حيث لا يشعرون بل لا يتم مسألة من المسائل الفقهية من الكتاب والسنة إلا بانضمام الاجماع إليه بسيطا أو مركبا فانظر إليهم يستدلون على نجاسة أبوال وأرواث ما لا يؤكل لحمه مطلقا بقوله صلى الله عليه وآله اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه مطلقا من أن ذلك ليس مدلولا مطابقيا للفظ ولا تضمنيا ولا التزاميا إذ وجوب الغسل أعم من النجاسة والثوب غير البدن وغيره من الملاقيات المأكولة والمشروبة وغيرهما وكذلك البول غير الروث إلى غير ذلك من المخالفات فليس فهم النجاسة الشرعية منه إلا من جهة إجماعهم على أن العلة في هذا الحكم هو النجاسة وليس من باب التعبد و أنه لا فرق بين الثوب والجسد ولا البول والروث وكذلك غيرهما من المخالفات وكذلك في مسألة نجاسة الماء القليل كل من يستدل على التنجيس فيستدل ببعض الأخبار الخاصة ببعض
(٣٥٦)