وإن أريد أن العرف مترددون بمعنى عدم استقرار رأي أحدهم على شئ لتساوي الاحتمالين في كل مورد قلنا لا نسلم التردد وإن سلم فهو في البادي وأما بعد التأمل ففي الصحة أرجح لكونه أقرب إلى الحقيقة فيقدم على غيره وإن أريد أن الألفاظ مختلفة في الفهم فيفهم من قوله لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد نفي الكمال ومن قوله عليه السلام لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب نفي الصحة وهكذا قلنا ممنوع بل الظاهر في الكل نفي الصحة والاجماع وسائر الأدلة هو المخرج عن مقتضى الظاهر في الأول ويظهر حجة المفصل وجوابها مما تقدم بالتأمل والظاهر أن المفصل ممن يدعي كون الألفاظ الشرعية كلها حقيقة في الصحيحة الثالث اختلفوا في التحليل والتحريم المضافين إلى الأعيان مثل حرمت عليكم أمهاتكم والخمر والخنزير والميتة وأحلت لكم بهيمة الأنعام وما وراء ذلكم والطيبات وغير ذلك وكذلك غير لفظ الحل والحرمة من الاحكام والأكثر على عدم الاجمال واحتجوا عليه بأن استقراء كلام العرب يفيد أن في مثل ذلك المراد هو الفعل المقصود من ذلك كالأكل من المأكول والشرب من المشروب واللبس من الملبوس والوطي من الموطوء وأنت خبير بأن المقامات في أمثال ذلك مختلفة إذ الشئ قد يتصف بكونه مأكولا وبكونه مبيعا وبكونه مشترى وهكذا المشروب فقد يقصد بالخمر الشرب وقد يقصد البيع وقد يقصد الشري وغير ذلك وكذلك قد يكون الشئ الواحد مشتملا على أشياء كالميتة المشتملة على اللحم والشحم والإهاب والعظم والصوف و المقصود من الإهاب قد يكون هو اللبس وقد يكون هو الاستسقاء به وغير ذلك فلا بد من ملاحظة ذلك فإرادة المنكوح والموطوء من الأمهات والبنات ونحوها والقول بأن المقصود منها ذلك لا معنى له إلا بإرادة بعض النسوان منها نعم مقابلة المرأة بالرجل وخلقة النسوان يصحح أن يقال المقصود المتعارف منها الوطئ وأما مع عنوان الام والبنت بدون قرينة على أن ذكرها في مقام بيان المحرمات والمحللات من حيث النكاح فيشكل دعوى ذلك وكذلك الميتة في مقام لم يظهر قرينة على أن المراد بيان المأكولات فالاستصباح والاكل واتخاذ الصابون بالنسبة إلى الشحم متساوية فلو قيل حرم عليكم شحوم الميتة فلا يخفى أن الاجمال ثابت ولا كلام فيما ظهر من القرائن إرادة فرد من الافراد والظاهر أن مراد المنكر هو عدم دلالة اللفظ بالذات على شئ مع تعدد الافعال لا في (مثل) آية التحريم المنادية بأن المراد بيان من يجوز نكاحها من النساء ومن لا يجوز ولا ريب أن الاجمال فيما لا قرينة فيه ثابت ويمكن دفع الاجمال في أمثال ذلك بحملها على الجميع لئلا يلزم القبيح في كلام الحكيم وعراه عن الفايدة واحتج القائل بالاجمال بأن تحريم العين غير معقول فلا بد
(٣٣٩)