استشهد به من جواز تأخير القرينة عن اللفظ إلى أخر الكلام فهو قياس مع الفارق لان وقت تشاغل المتكلم بالكلام محتمل لما لا يحتمله حال السكوت عنه كما تقتضيه العرف والعادة وذلك ليس لتفاوت زمان التأخير في الطول والقصر كما توهم بل لمدخلية التشاغل وعدم التشاغل في ذلك وأما الاستشهاد بالعام المخصوص بدليل العقل من دون إعلام السامع ذلك ففيه أنه غير مضر لان إعطاء العقل للمكلف رافع للاغراء ودلالته قرينة على إرادة التخصيص فإن العقل والشرع متطابقان يفسر كل منهما الاخر ومع عدم تعقل المخاطب فلا ريب في قبحه إلا أن لا يتعقل العموم بحيث يشمل الفرد المخرج بالعقل وهو أيضا كاف في عدم الاغراء ولو فرض تعقله للعموم وعدم تعقله للتخصيص إلا بعد زمان فهذا يكون من باب تأخير البيان عن وقت الخطاب ونلتزم فيه الاغراء ونمنع قبحه كما مر وأما تجويز إسماع العام المخصص بالدليل السمعي فلا دخل له بما نحن فيه إذ العام إن كان مما خوطب به المخاطب من لسان الشارع مواجها له مريدا إفهامه والعمل على مقتضاه فعلا أو تعليما للغير ليجري فيه ما سبق من عدم جواز تأخير بيان المخصص عن وقت الحاجة واما عن وقت الخطاب فإذا أخره فيلزم الاغراء جزما لأنه يحمله على ظاهره فالتحقيق في الجواب منع قبح ذلك الاغراء حتى يتبين له المخصص إما بذكره له قبل وقت الحاجة أو إحالته على (راو)؟ أو أصل أو كتاب وأما إذا لم يكن السامع ممن يراد فهمه للخطاب كالعجمي القح والعامي البحت فهو ليس بمخاطب بذلك حتى يترتب عليه أحكام الخطاب بل هو مخاطب بالأخذ من العالم وكذلك من يفهم الخطاب لكن لا يحتاج إلى العمل به وأما إذا كان العام من باب الأدلة الواردة من الشرع لا من باب الخطاب كما هو كذلك بالنسبة إلى زماننا على ما هو الحق من اختصاص الخطابات بالمشافهين فيخرج عن محل النزاع فإن الكلام في لزوم الاغراء وقبح الخطاب فخطابنا حينئذ هو العمل بمقتضى هذا العام الذي رأيناه أو سمعناه مع ما يقتضيه سائر الأدلة التي لم نعثر عليها وهي في الأصول يقينا أو ظنا لا خصوص العام وهذا المقام هو الذي يقولون يجب الفحص عن المخصص في الأصول فخطابنا حينئذ هو العمل بما نفهمه من مجموع الأدلة ولا إجمال في هذا الخطاب وليس من باب الخطاب بما له ظاهر وإرادة غيره أيضا وهذا الغرض الحاصل في زماننا الآن هو أيضا قد يحصل في زمن الشارع أيضا إذ ليس كل أحد في زمن الشارع يسمع الخطابات شفاها عموما كان أو خصوصا بعنوان أن يراد منه فهمه والعمل به بل الأئمة عليهم السلام كانوا يقررون أصحابهم على العمل بما يفهمون من الجمع بين أخبارهم وفهمهم واجتهادهم في تطبيق الروايات بالكتاب وبمذاهب العامة و بسنة النبي صلى الله عليه وآله وغيرها فالكلام في الاذعان بكون العام باقيا على عموم أم لا في غير محل
(٣٤٤)