جديد بإرادة المعنى المجازي ولا غائلة فيه أصلا وأما قوله فما لم يقع الفراغ لم يتجه إلخ ففيه تناقض وهو مناف لما تقدم من المعترض فإنه قال سابقا أيضا أنه لا يحكم بالحقيقة حتى يتحقق الفراغ وينتفي احتمال غيره ولا ريب أنه بعد الفراغ عن ذكر الجمل والشروع في ذكر الاستثناء لا ينتفي احتمال التخصيص كما هو المفروض فما معنى إبقاء غير الأخيرة على عمومه تمسكا بالأصل وما معنى الأصل هنا فقد عرفت بطلان إرادة الاستصحاب منه وكذلك القاعدة على مذاق المعترض فلم يبق إلا الظاهر أعني أصل الحقيقة إذ ليس كل عموم موافقا لأصل البراءة حتى يقال أنه هو المراد والتحقيق في الجواب أن هذا الدليل لا يدل على مدعاهم بل هو موافق لما اخترناه من الاشتراك المعنوي وإن ما ذكره المستدل قرائن لتعيين أحد أفراده وأين هذا من إثبات كونه حقيقة مخصوصة في الاخراج عن الأخيرة فهذا دليل على ما اخترناه في المسألة بلا قصور ولا غائلة ومنها أنه لو رجع إلى الجميع لرجع في قوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا مع أنه لا يسقط الجلد بالتوبة اتفاقا وخلاف الشعبي لا يعبأ به وفيه أن مطلق الاستعمال لا يدل على الحقيقة فلا ينافي ذلك كونه حقيقة في الرجوع إلى الجميع والخروج عن مقتضاه في الجلد بالدليل الخارجي وهو الاجماع وأنه حق الناس فلا يسقط بالتوبة مع أنه لا يدل على الاختصاص بالأخيرة لقبول الشهادة بعد التوبة إلا أن يمنعها المستدل ومنها أن الجملة الثانية بمنزلة السكوت فكما لا يرجع المخصص بعد السكوت والانفصال عن النطق إلى ما تقدمه فكذلك ما في حكمه وجوابه بالمنع ودعوى أنه لم ينتقل من الجملة الأولى إلا بعد استيفاء الغرض منها أول الكلام ومنها أنه لو رجع إلى الجميع فإن أضمر مع كل منها استثناء لزم خلاف الأصل وإلا فيكون العامل في المستثنى أكثر من واحد ولا يجوز تعدد العامل على معمول واحد في اعراب واحد لنص سيبويه على ولئلا يجتمع المؤثران المستقلان على أثر واحد وأجيب باختيار الشق الثاني ومنع كون العامل في المستثنى هو العامل في المستثنى منه بل هو أداة الاستثناء كما هو مذهب جماعة من النحاة لقيام معنى الاستثناء بها والعامل هو ما يتقوم به المعنى المقتضى للأعراب ولكونها نائبة عن استثنى كحرف النداء عن أدعو سلمنا لكن نمنع امتناع اجتماع العاملين على معمول واحد ولا حجة في نص سيبويه لاحتمال أن يكون ذلك من اجتهاده لا من نقله كما أن رواية الثقة حجة على غيره لاجتهاده ورأيه مع أنه معارض بما نقل عنه من تجويزه نحو قام زيد وذهب عمرو الظريفان مع أنه قائل بأن العامل في الصفة هو العامل
(٢٩٨)