بكونه جمعا بين الدليلين ينافي تعليل تقديم الخاص على العام بكونه أقوى كما في حجة الخصم وكذلك قول المجيب الأول وغيره بالجمع بين الدليلين وإن كان أحدهما أضعف ينافي رجوعهم إلى المرجحات واعتبار القوة والضعف في المقامات مثل تخصيص القرآن بخبر الواحد وغيره من مقامات الجمع فإنهم يعتبرون الترجيحات أيضا فالمناص عن هذا الاشكال وتحقيق المقام ومحصل ما ذكروه في قاعدة التعادل والترجيح مع تحرير مني وتصحيح على ما اقتضاه الحال والمقام إن مرادهم في مقام لزوم الجمع مع الامكان من عدم الرجوع إلى المرجحات الخارجية إنما هو بالنسبة إلى الهجر والترك والاسقاط لا بالنسبة إلى ارجاع أحدهما إلى الاخر فان ارجاع أحد الدليلين إلى الاخر أو ارجاعهما إلى ثالث يقتضي اخراج اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز إذ العمل بالمتخالفين مع بقائهما على حقيقتهما مما لا يمكن بالضرورة فكما يمكن اخراج العام عن حقيقة العموم يمكن اخراج الخاص عن حقيقة الخصوص أيضا فلا بد في توجيه التأويل إلى أحدهما دون الاخر من مرجح فلا ينافي عدم الرجوع إلى المرجحات فيما أمكن فيه الجمع من جهة القبول مطلقا والاسقاط مطلقا وجوب الرجوع إليها في ارجاع التأويل إلى أحدهما دون الاخر ومرادهم من العمل بالدليلين العمل بهما على ما هو مقتضى مدلولهما اما بالحقيقة أو بالمجاز الذي يصح في محاورات أهل اللسان وهو ما وجد فيه العلاقة المصححة المقبولة عند أهل البيان والقرينة الصارفة عن الحقيقة والمعينة لذلك المعنى المجازي كذلك بان تكون موجودة في اللفظ أو مقارنة معها أو كاشفة عن كون اللفظ مقترنة حين التكلم بقرينة تدل على هذا المعنى ولا يكفي في ذلك مجرد احتمال اللفظ لذلك وكذلك معنى ارجاع أحدهما إلى الاخر ابقاء أحدهما على حقيقته وارجاع الاخر إليه كذلك ومعنى ارجاعهما إلى ثالث اثبات القرينة للتجوز في كليهما بحيث يحصل من التجوز فيهما معنى ثالث مثال الأول العام والخاص المطلقان فان العمل بالخاص يوجب العمل بالدليلين في الجملة اما في الخاص فبحقيقته و اما في العام فبمجازه المتعارف وهو التخصيص ومجرد وقوع العام والخاص المتنافي الظاهر في كلام متكلم واحد أو متكلمين كانا في حكم واحد قرينة على إرادة التخصيص سيما وفيه إشارات من كلام الشارع أيضا بان في كلامه عاما وخاصا ولا بد من معرفتهما ومثال الثاني إرجاع عامين متنافيين إلى خاصين وذلك يحصل بين المتناقضين مثل انه ورد في الاخبار ان الام أحق بحضانة الولد إلى سبع سنين وورد أيضا ان الأب أحق (بحضانته) إلى سبع سنين فالجمع بينهما بان المراد بالولد في الأول الأنثى وفي الثاني الذكر عمل بالدليلين واخراج لكليهما عن حقيقتهما
(٣٠٥)