بذلك لان اللفظ قد يكون نصا بالنظر إلى لغة لعدم احتمال إرادة غير معناه بحسب تلك اللغة و مجملا بالقياس إلى لغة أخرى ومثل للظاهر بلفظ الأسد وللمجمل بلفظ القرء ولم يمثل للنص قال شيخنا البهائي رحمه الله في زبدته اللفظ إن لم يحتمل غير ما يفهم منه لغة فهو نص وإلا فالراجح ظاهر والمرجوح مأول والمساوي مجمل والمشترك بين الأولين محكم وبين الأخيرين متشابه ومثل الشارح الجواد رحمه الله للنص بالسماء والأرض وللظاهر في أواخر الكتاب بالأسد والغائط والصلاة بالنسبة إلى اللغة والعرف و الشرع على الترتيب وقال شيخنا البهائي في الحاشية على قوله لغة أي بحسب متفاهم اللغة نحو له ما في السماوات وما في الأرض فقوله لغة قيد لقوله لم يحتمل ويجوز أن يكون قيدا للفعلين معا أما جعله قيدا للأخير أعني يفهم دون الأول فلا لقيام الاحتمال العقلي في أكثر النصوص انتهى ثم مثل في الحاشية أيضا للظاهر والمأول بقوله تعالى وامسحوا برؤسكم وأرجلكم فحملها على المسح ظاهر و على الغسل (الخفيف)؟ كما فعله في الكشاف مأول وظاهر كلام العميدي تخصيص هذا التقسيم بالدال بالوضع لغة فلا يشمل المجازات وكلام غيره أعم وهو أقرب لان المجازات أيضا تنقسم إلى هذه الأقسام فإن القرائن قد تفيد القطع بالمراد وقد لا تفيد إلا الظن وقد يكون مجملا ثم أن كلام القوم هنا لا يخلو عن إجمال فإن الفرق بين السماء والأرض والأسد بجعل الأولين نصا و الثالث ظاهرا تحكم بحت إذ احتمال التجوز هو الداعي إلى ظنية الدلالة وكون اللفظ ظاهرا وهو قائم في السماء والأرض كما لا يخفى إذ ليس هذا التقسيم بالنظر إلى الوضع الافرادي فإن القطع فيه وعدم القطع إنما هو من جهة ثبوت اللغة بالتواتر والآحاد وبعد الثبوت فالتقسيم إنما هو بالنظر إلى الوضع التركيبي وفي إفادة المراد من اللفظ في الكلام المؤلف كما لا يخفى فكما يجوز احتمال المجاز في إطلاق الأسد في قولك رأيت أسدا بإرادة الرجل الشجاع وينفى بأصالة الحقيقة فكذلك يجوز في قولك انظر إلى السماء وانظر إلى الأرض بإرادة مطلق الفوق والتحت كما لا يخفى فالتمثيل بالسماء والأرض كما وقع من الشارح الجواد (ليس)؟ في محله ولعل (غفل)؟ عن مراد شيخنا البهائي بتمثيله بقوله تعالى وله ما في السماوات وما في الأرض والفرق واضح وتحقيق المقام أن هذا التقسيم لا بد أن يعتبر بالنسبة إلى دلالة اللفظ مطلقا حقيقة كان أو مجازا ولا بد أن يناط القطع في الإرادة والظن بها بالقرائن الخارجية فإن دلالة اللفظ على ما وضع له حقيقة موقوفة على عدم القرينة على إرادة المجاز فإن ثبت القرينة على عدم إرادة المجاز فنقطع بإرادة المعنى الحقيقي وإذا لم يكن هناك قرينة على نفي التجوز فبأصالة العدم وأصالة الحقيقة يحصل الظن بإرادة الحقيقة فإرادة المعنى الحقيقي
(١٦٤)