مكررا، أو غير مكرر، فتقيده بالصفات (1) المختلفة. ومن المعلوم أن الموصوف بالصفات المتقابلة لا دلالة له على خصوصية شئ منها. ثم إنه لا خفاء في أنه ليس المفهوم من الامر إلا طلب إيجاد الفعل أعني المعنى المصدري، فيكون معنى " إضرب " مثلا طلب ضرب ما، فلا يدل (2) على صفة الضرب، من تكرار أو مرة أو نحو ذلك.
وما يقال: من أن هذا إنما يدل على عدم إفادة الامر الوحدة أو التكرار بالمادة، فلم لا يدل عليهما بالصيغة؟.
فجوابه: أنا قد بينا انحصار مدلول الصيغة بمقتضى حكم التبادر في طلب إيجاد الفعل. وأين هذا عن الدلالة على الوحدة أو التكرار؟.
احتج الأولون بوجوه:
أحدها: أنه لو لم تكن للتكرار، لما تكرر الصوم والصلاة. وقد تكررا قطعا.
والثاني: أن النهي يقتضي التكرار، فكذلك الامر، قياسا عليه، بجامع اشتراكهما في الدلالة على الطلب.
والثالث: أن الامر بالشئ نهي عن ضده، والنهي يمنع عن المنهي عنه دائما، فيلزم التكرار في المأمور به.
والجواب عن الأول: المنع من الملازمة، إذ لعل التكرار إنما فهم من دليل آخر، سلمنا، لكنه معارض بالحج، فإنه قد أمر به، ولا تكرار.
وعن الثاني من وجهين: أحدهما - أنه قياس في اللغة، وهو باطل، وإن قلنا بجوازه في الاحكام. وثانيهما - بيان الفارق، فان النهي يقتضي انتفاء الحقيقة، وهو إنما يكون بانتفائها في جميع الأوقات، والامر يقتضي إثباتها وهو يحصل بمرة، و أيضا التكرار في الامر مانع من (3) فعل غير المأمور به. بخلافه في النهي، إذ التروك تجتمع وتجامع (4) كل فعل.