الامر أنه أمر به ".
ثم أخذ في الاحتجاج لما صار إليه، وقال في جملته: " إن الامر ورد في الشريعة على ضربين: أحدهما يقتضي إيجاب الفعل دون مقدماته، كالزكاة والحج، فإنه لا يجب علينا أن نكتسب المال، ونحصل النصاب، ونتمكن (1) من الزاد والراحلة. والضرب الآخر يجب فيه مقدمات الفعل كما يجب هو في نفسه (2)، وهو الصلاة وما جرى مجراها بالنسبة إلى الوضوء. فإذا انقسم الامر في الشرع إلى قسمين، فكيف نجعلهما قسما واحدا "؟، وفرق في ذلك بين السبب وغيره، بأنه محال أن يوجب علينا المسبب بشرط اتفاق وجود السبب، إذ مع وجود السبب لابد من وجود المسبب، إلا أن يمنع مانع. ومحال أن يكلفنا الفعل بشرط وجود الفعل، بخلاف مقدمات الافعال.
فإنه يجوز أن يكلفنا (3) الصلاة بشرط أن يكون قد تكلفنا الطهارة، كما في الزكاة والحج. وبنى على هذا في الشافي نقض استدلال المعتزلة لوجوب نصب الإمام على الرعية، بأن إقامة الحدود واجبة، ولا يتم إلا به.
وهذا كما تراه، ينادي بالمغايرة للمعنى المعروف في كتب الأصول المشهورة لهذا الأصل. وما اختاره السيد فيه محل تأمل، وليس التعرض لتحقيق حاله هنا بمهم.
فلنعد إلى البحث في المعنى المعروف، والحجة لحكم السبب فيه: أنه ليس محل خلاف يعرف، بل ادعى بعضهم فيه الاجماع، وأن القدرة غير حاصلة مع المسببات فيبعد تعلق التكليف بها وحدها. بل قد قيل إن الوجوب في الحقيقة لا يتعلق بالمسببات، لعدم تعلق القدرة بها. أما بدون الأسباب فلامتناعها، وأما معها فلكونها حينئذ لازمة لا يمكن تركها. فحيث ما يرد أمر متعلق ظاهرا بمسبب فهو بحسب الحقيقة متعلق بالسبب، فالواجب حقيقة هو، وإن كان