الفور والتراخي (1)، فيتوقف في تعيين المراد منه على دلالة تدل (2) على ذلك.
وذهب جماعة، منهم المحقق أبو القاسم ابن سعيد (3)، والعلامة (4) - رحمهما الله تعالى إلى أنه لا يدل على الفور، ولا على التراخي، بل على مطلق الفعل، وأيهما حصل كان مجزيا. وهذا هو الأقوى.
لنا: نظير ما تقدم في التكرار، من أن مدلول الامر طلب حقيقة الفعل، والفور والتراخي خارجان عنها (5)، وأن الفور والتراخي من صفات الفعل، فلا دلالة له عليهما.
حجة القول بالفور أمور ستة:
الأول - أن السيد إذا قال لعبده: اسقني، فأخر العبد السقي من غير عذر، عد عاصيا، وذلك معلوم من العرف. ولولا (6) إفادته الفور، لم يعد عاصيا (7).
وأجيب عنه: بأن ذلك إنما يفهم بالقرينة، لان العادة قاضية بأن طلب السقي إنما يكون عند الحاجة إليه عاجلا، ومحل النزاع ما تكون (8) الصيغة فيه مجردة.
الثاني (9) أنه تعالى ذم إبليس لعنه الله، على ترك (10) السجود لآدم عليه السلام، بقوله سبحانه (11): " ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك " (12) ولو لم يكن الامر للفور لم يتوجه عليه الذم، ولكان له أن يقول: إنك لم تأمرني بالبدار، وسوف أسجد.
والجواب: أن الذم باعتبار كون الامر مقيدا بوقت معين. ولم يأت بالفعل فيه. والدليل على التقييد قوله تعالى: " فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " (13).