علل الشرع إنما تنبئ (1) عن الدواعي إلى الفعل أو عن وجه المصلحة فيه. وقد يشترك الشيئان في صفة واحدة ويكون في أحدهما داعية إلى فعله دون الآخر مع ثبوتها فيه، وقد يكون مثل المصلحة مفسدة. وقد يدعو الشئ إلى غيره في حال دون حال وعلى وجه دون وجه وقدر منه دون (2) قدر ". قال: " وهذا باب في الدواعي معروف، ولهذا جاز أن يعطى بوجه (3) الاحسان فقير دون فقير، ودرهم (4) دون درهم، وفي حال دون أخرى، وإن كان فيما لم نفعله الوجه الذي لأجله فعلناه بعينه ".
ثم قال: " وإذا (5) صحت هذه الجملة لم يكن في النص على العلة ما يوجب التخطي والقياس، وجرى النص على العلة مجرى النص على الحكم في قصره على موضعه. وليس لاحد أن يقول: إذا لم يوجب النص على العلة التخطي كان عبثا. وذلك أنه يفيدنا ما لم نكن نعلمه لولاه. وهو ماله كان هذا الفعل المعين مصلحة " (6).
هذا كلامه، ودلالته على كون النزاع في المعنى ظاهرة (7)، فلا وجه لدعوى العلامة - رحمه الله - الاتفاق (8) فيه. نعم من جعل الحجة ما ذكره فهو موافق في المعنى، فلا ينبغي أن يعد في المانعين.
إذا عرفت هذا، فاعلم. أن الأظهر عندي ما قاله المحقق - رحمه الله -. و وجهه يظهر من تضاعيف الكلام في هذا المقام فلا نطيل بتقريره.
وأما حجة المرتضى، فجوابها أن المتبادر من العلة (9) حيث يشهد الحال بانسلاخ الخصوصية منها تعلق الحكم بها، لا بيان الداعي أو وجه (10) المصلحة.