وقال: انهما معلولان لعلة واحدة. وتحقيق ذلك يطلب من مواضعه.
وثانيهما: أنا وإن سلمنا كونه علة له فلا نسلم (1) أن ارتفاعه مطلقا يقتضي ارتفاع الجنس، بل إنما يرتفع بارتفاعه، إذا لم يخلفه فصل آخر، وذلك لان الجنس إنما يفتقر إلى فصل ما ومن البين أن ارتفاع المنع من الترك مقتض لثبوت الاذن فيه، وهو فصل آخر (2) للجنس الذي هو الجواز.
والحاصل: أن للجواز قيدين: أحدهما - المنع من الترك، والآخر - الاذن فيه، فإذا زال الأول خلفه الثاني. ومن هنا (3) ظهر أنه ليس المدعى ثبوت الجواز بمجرد الامر (4)، بل به وبالناسخ، فجنسه بالأول وفصله بالثاني. ولا ينافي هذا إطلاق القول بأنه إذا نسخ الوجوب بقي الجواز، حيث إن ظاهره استقلال الامر به، فان ذلك توسع في العبارة. وأكثرهم مصرحون بما قلناه.
فان قيل: لما كان رفع المركب يحصل تارة برفع جميع أجزائه، وأخرى برفع بعضها، لم يعلم بقاء الجواز بعد رفع الوجوب، لتساوي احتمالي رفع البعض (5) الذي يتحقق معه البقاء، ورفع الجميع الذي معه يزول.
قلنا: الظاهر يقتضي البقاء، لتحقق مقتضيه أولا، والأصل استمراره. فلا يدفع بالاحتمال. وتوضيح ذلك: أن النسخ إنما توجه إلى الوجوب، والمقتضي للجواز هو الامر، فيستصحب (6) إلى أن يثبت ما ينافيه. وحيث إن رفع الوجوب يتحقق برفع أحد جزئيه، لم يبق لنا سبيل إلى القطع بثبوت المنافي فيستمر الجواز ظاهرا. وهذا معنى ظهور بقائه.
والجواب: المنع من وجود المقتضي، فان الجواز الذي هو جزء من ماهية الوجوب وقدر مشترك بينها وبين الأحكام الثلاثة الأخر، لا تحقق له بدون انضمام أحد قيودها إليه قطعا، وإن لم يثبت علية الفصل للجنس، لان انحصار