عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٦٨
إذا خرجوا عن الايمان خرجوا عن الصفة التي تعلق الوعيد بخلاف من كان عليها وليس له أن يقول لا يصح أن يتوعد الله تعالى وعيدا مطلقا على العدول عن اتباع سبيل المؤمنين الا وذلك ممكن في كل حال ولا يصح دخوله في أن يكون ممكنا الا بأن يثبت في كل عصر جماعة من المؤمنين يبين ذلك انه كما توعد على العدول عن اتباع سبيلهم فكذلك توعد على مشاقة الرسول فإذا وجب في كل حال صحة المشاقة ليصح الوعيد المذكور فكذلك يجب أن يصح في كل حال اتباع سبيلهم والعدول عنها لأنه ليس يجب من حيث توعد تعالى توعدا مطلقا على العدول عن اتباع غير سبيل المؤمنين ثبوت مؤمنين في كل عصر انما تقتضي الآية التحذير من العدول عن اتباعهم إذا وجدوا وتمكن من اتباعهم وتركه ولسنا نعلم من أي وجه ظن ان التوعد على الفعل يقتضى امكانه في كل حال و ليس هذا مما يدخل فيه عندنا الشبهة على متكلم ونحن نعلم ان البشارة بنبينا (ع) قد تقدم على لسان من سلفت نبوته كموسى (ع) وعيسى (ع) وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام وقد امر الله تعالى أممهم باتباعه وتصديقه وأشار لهم إلى صفاته وعلاماته وتوعدهم على مخالفته وتكذيبه ولم يكن ما توعد عليه من مخالفته وأوجبه من تصديقه واتباعه ممكنا في كل وقت ولا مانعا من اطلاق الوعيد وقد قال شيخهم أبو هاشم وتبعه على هذه المقالة جميع أصحابه ان قوله تعالى السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله الآية لا تقتضي ثبوت من يستحق القطع على سبيل النكال ولو لم يقع التمكن ابدا والوقوف على من هذه حاله لما أخل بفائدة الآية وعول في قطع من يقطع من السراق المشهود عليهم أو المقرين على الاجماع وإذا صح هذا فكيف يجب من حيث اطلق الوعيد على العدول عن اتباع سبيل المؤمنين وجود المؤمنين فيكل عصر وما المانع من أن يكون الوعيد يتعلق بحال مقدره كأنه تعالى قال لا تتبعوا غير سبيل إذا حصلوا ووجدوا فعلم بذلك بطلان ما تعلق به السايل وخامسها انه تعالى توعد على اتباع غير سبيلهم على تسليم عموم المؤمنين والسبيل والآية لا تدل على وجوب اتباعهم في عصر بل هو كالمجمل المفتقر إلى بيان فلا يصح تعلق بظاهره وليس لاحد أن يقول انى احمله على كل اعصار من حيث لم يكون اللفظ مختصا بعصر دون عصر لان هذه الدعوى نظيره الدعوى المتقدمة التي بينا فسادها وليس لاحد أن يقول انى اعلم وجوب اتباعهم في الاعصار كلها بما علمت به وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وآله في كل عصر فما قدح في عموم أحد الامرين قدح في عموم الاخر لأنا لا نعلم عموم وجوب اتباع الرسول في كل عصر بظاهر الخطاب بل الآية لا يمكن دفعها فمن ادعى في عموم وجوب اتباع المؤمنين دلالة فليحضرها وليس له أن يقول إذا لم يكون فيها تخصيص وقت وجب حملها على جميع الاعصار لان لمخالفه أن يقول وإذا لم يكون فيها دليل
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125