إذا خرجوا عن الايمان خرجوا عن الصفة التي تعلق الوعيد بخلاف من كان عليها وليس له أن يقول لا يصح أن يتوعد الله تعالى وعيدا مطلقا على العدول عن اتباع سبيل المؤمنين الا وذلك ممكن في كل حال ولا يصح دخوله في أن يكون ممكنا الا بأن يثبت في كل عصر جماعة من المؤمنين يبين ذلك انه كما توعد على العدول عن اتباع سبيلهم فكذلك توعد على مشاقة الرسول فإذا وجب في كل حال صحة المشاقة ليصح الوعيد المذكور فكذلك يجب أن يصح في كل حال اتباع سبيلهم والعدول عنها لأنه ليس يجب من حيث توعد تعالى توعدا مطلقا على العدول عن اتباع غير سبيل المؤمنين ثبوت مؤمنين في كل عصر انما تقتضي الآية التحذير من العدول عن اتباعهم إذا وجدوا وتمكن من اتباعهم وتركه ولسنا نعلم من أي وجه ظن ان التوعد على الفعل يقتضى امكانه في كل حال و ليس هذا مما يدخل فيه عندنا الشبهة على متكلم ونحن نعلم ان البشارة بنبينا (ع) قد تقدم على لسان من سلفت نبوته كموسى (ع) وعيسى (ع) وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام وقد امر الله تعالى أممهم باتباعه وتصديقه وأشار لهم إلى صفاته وعلاماته وتوعدهم على مخالفته وتكذيبه ولم يكن ما توعد عليه من مخالفته وأوجبه من تصديقه واتباعه ممكنا في كل وقت ولا مانعا من اطلاق الوعيد وقد قال شيخهم أبو هاشم وتبعه على هذه المقالة جميع أصحابه ان قوله تعالى السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله الآية لا تقتضي ثبوت من يستحق القطع على سبيل النكال ولو لم يقع التمكن ابدا والوقوف على من هذه حاله لما أخل بفائدة الآية وعول في قطع من يقطع من السراق المشهود عليهم أو المقرين على الاجماع وإذا صح هذا فكيف يجب من حيث اطلق الوعيد على العدول عن اتباع سبيل المؤمنين وجود المؤمنين فيكل عصر وما المانع من أن يكون الوعيد يتعلق بحال مقدره كأنه تعالى قال لا تتبعوا غير سبيل إذا حصلوا ووجدوا فعلم بذلك بطلان ما تعلق به السايل وخامسها انه تعالى توعد على اتباع غير سبيلهم على تسليم عموم المؤمنين والسبيل والآية لا تدل على وجوب اتباعهم في عصر بل هو كالمجمل المفتقر إلى بيان فلا يصح تعلق بظاهره وليس لاحد أن يقول انى احمله على كل اعصار من حيث لم يكون اللفظ مختصا بعصر دون عصر لان هذه الدعوى نظيره الدعوى المتقدمة التي بينا فسادها وليس لاحد أن يقول انى اعلم وجوب اتباعهم في الاعصار كلها بما علمت به وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وآله في كل عصر فما قدح في عموم أحد الامرين قدح في عموم الاخر لأنا لا نعلم عموم وجوب اتباع الرسول في كل عصر بظاهر الخطاب بل الآية لا يمكن دفعها فمن ادعى في عموم وجوب اتباع المؤمنين دلالة فليحضرها وليس له أن يقول إذا لم يكون فيها تخصيص وقت وجب حملها على جميع الاعصار لان لمخالفه أن يقول وإذا لم يكون فيها دليل
(٦٨)