العقل على انهم مع كثرتهم وانتشارهم في البلاد واختلاف آرائهم وبعد همتهم لا يجوز أن يجمعوا على خطاء ولو جاز ذلك لجاز أن يتفقوا على اكل طعام واحد ولبس لباس واحد وفعل واحد ويأتي الشعراء الكثيرون بقصيدة واحدة في معنى واحد وغرض واحد وكل ذلك يعلم بطلانه ضرورة وفي صحة ذلك دليل على انهم لا يجمعون على خطاء وهذا ليس بشئ لان جميع ما ذكروه لا يشبه مسألة الاجماع لان جميعه تابع للدعاوى والآراء واختلاف الهمم والعادة مانعة من اتفاقهم في الدعاوى والآراء في الأمثلة التي ذكروها وليس مسألة الاجماع من هذا الباب لأنه يجوز أن تدخل عليهم الشبهة فيعتقدوا انه ما ليس بدليل انه دليل فيجمعوا عليه وقد دخلت الشبهة في مثل أمتنا وأكثر منهم فيما تعلق بباب الديانات الا ترى ان اليهود والنصارى ومن خالف الاسلام قد اتفقوا على بطلان الاسلام وتكذيب نبينا (ع) وهم أكثر من المسلمين اضعافا مضاعفة وليس اجماعهم على ذلك دليل على بطلان الاسلام لأنهم اجمعوا لدخول الشبهة عليهم وانهم لم يمعنوا النظر في الطرق الموجبة للقول بصحة الاسلام فكذلك القول في اجماع الأمة على ان ذلك ان منع من اجماعهم على باطل فإنما منع من اتفاقهم على ذلك ولا يمتنع ان يتفقوا على الخطاء مع العمد والتواطئ لان التواطؤ على أمثالهم ومن أكثر منهم جايز وانما يؤمن من ذلك إذا دل الدليل على كونهم حجة وثبت ذلك فاما قبل ثبوته فنحن في سير ذلك فالمنع منه غير صحيح فان قالوا لو جاز عليهم الخطاء فيما يجمعون عليه لجاز على المتواترين الخطاء فيما يخبرون به لان الأمة بأجمعها أكثر من قوم متواترين ينقطع بنقلهم الحجة ولو أجاز ذلك في المتواترين أدى ذلك إلى الا نثق بشئ من الاخبار ولا نعلم شيئا نقلوه وذلك يؤدى إلى ما يعلم ضرورة خلافه فقيل التواتر لم يكن حجة من حيث انه لا يجوز عليهم الخطاء وانما كان حجة لأنهم نقلوا نقلا يوجب العلم الضروري عند من قال بذلك أو علما لا ينخلج (يتخالج خ ل) فيه بالشكوك عند من قال الاكتساب فالحجة في نقلهم بحصول العلم بما نقلوه لا بمجرد النقل وكان يجوز أن لا ينقلوا ما نقلوه اما خطاء أو عمدا فيخرج خبرهم من أن يكون موجبا للعلم فيلحق حينئذ بباب الاجماع الذي نحن في اعتبار كونه حجة أم لا وهذا بين لا اشكال فيه ولم يعتمد هذه الطريقة الا شذاذ من القائلين بالاجماع والمحصلون منهم عولوا على أدلة السمع في هذا الباب ونحن نذكر ما اعتمدوه ونتكلم عليه وله انشاء الله تعالى أحد ما اعتمدوا عليه قوله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسائت مصيرا قالوا فتوعد الله تعالى على اتباع غير سبيل المؤمنين كما توعد على مشاقة الرسول فلولا انهم حجة يجب اتباعهم فيما اجمعوا عليه والا لم يجز ذلك والكلام على هذه الآية من وجوه أولها ان في أصحابنا من ذهب إلى ان الألف واللام لا يقتضيان الاستغراق والشمول بل هما مشتركان
(٦٥)