مدة الفعل المأمور به عن وقت الخطاب ولا توجبون ذلك وهو من فوايد الخطاب ومراد المخاطب لأنه إذا قال صلوا فظاهر هذا القول عندكم يتناول كل صلاة وكل زمان بلا حصر فإذا أراد بذلك مدة معينة والى غاية منقطعة واخر بيانه في حال الخطاب فقد أراد في حال الخطاب (الحال بالخطاب خ ل) ما لم يبينه ويفصله وهذا من هذا الوجه نظير المجمل ومثل الخطاب بالزنجية فان قلتم ليس يجب أن يبين في حالة الخطاب كل مراد له بالخطاب قلنا أصبتم فاقبلوا في الخطاب بالمجمل مثل ذلك لان الخطاب بالمجمل يستفاد منه فايدة معينة مفصلة وان لم يستفد على سبيل التفصيل جميع فوايده وان قالوا لا حاجة به إلى بيان مدة النسخ وغاية العبادة التي تخرج بالبلوغ إليها من تكون مصلحة لان ذلك بيان لما لا يجب ان يفعله وهو غير محتاج إلى بيان ما لا يجب عليه ان يفعله وانما يحتاج في هذه الحال إلى بيان صفة ما يفعله وكلف الاتيان به قلنا هذا خروج منكم عن السنن الذي كنا فيه لأنكم أوجبتم البيان للمراد كله في حال الخطاب لامر يتعلق بحسن الخطاب فأوجبتم قبحه متى لم يعلم المخاطب فوايده كلها على التفصيل فلما ألزمناكم بيان عدة النسخ عدلتم إلى شئ آخر وهو ان كان صحيحا نقض لعلتكم وهده لأعتمادكم لأنكم توجبون بيان فوايد الخطاب ومراد المخاطب لأنه يتعلق بحسن الخطاب وإذا أجزتم تأخير بيان بعض فوايده نقصتم اعتلالكم على كل حال وعدنا إلى انكم قد أجزتم حسن ما هو نظير للمجمل الذي أجزنا حسنه لأنا لم نجز الا تأخير بيان بعض فوايد الخطاب ونراكم ابدا تذكرون في كتبكم ان قبح تأخير البيان لم يكن لشئ يتعلق بإزاحة علة المكلف في الفعل وانما هو راجع إلى وقوع الخطاب على وجه يقتضى القبح وهذا ينقض قولكم الان انه لا يحتاج في فعل ما كلف إلى معرفة غاية المصلحة ويحتاج في الفعل إلى العلم بصفته لان هذه منكم مراعاة لما به يتمكن من ايقاع الفعل ويجب أن يعلم ان فقد القدرة أو الآلة التي لا يقع الفعل الا بها أقوى وأشد تأثيرا في تعذر الفعل من فقد العلم بصفته وأنتم تجيزون خطاب من لا يقدر على الفعل ولا يتمكن منه في حال الخطاب إذا كان من يقدر في حال الحاجة فأجيزوا تأخير بيان صفة الفعل في حال الخطاب ولا حاجة به في هذه الحال إلى العلم بصفته كما لا حاجة به إلى القدرة عليه والتمكن بآلات وغيرها منه ثم انكم ليس تخلون من ان توجبوا بيان صفة الفعل المأمور به في حال الخطاب الامر يتعلق بإزاحة العلة في الفعل أو لامر يرجع إلى حسن الخطاب وان فوايده ومراد المخاطب به إذا لم يعلم تفصيلا في وقت الخطاب قبح فان كان الأول لزم عليه ان يكون في حال الخطاب قادرا متمكنا وليس توجبون ذلك وان كان الثاني فغاية الفعل من مراد المخاطب ومقصوده من الخطاب ومع ذلك فلم يبينها في حال الخطاب وإذا جاز أن لا يبين بعض المقصود ولا يكون الخطاب قبيحا جاز في المجمل مثل ذلك بعينه ومما يمكن أن يستدل به على جواز تأخير بيان المجمل عن وقت الخطاب ويورد على المخالف على سبيل المعارضة والالزام انه لا خلاف بيننا وبينهم في انه قد يجوز أن يخاطب في المخاطب في المجمل وان لم يقر هو بالبيان بل يحيله
(١٤)