النهى عن التأفف بلفظ وكان بأن يتناول ساير المكروه أولى لم يجز أن يتبعه ويلحقه بأن يقول لا تقل لهما أف واضربهما واشتمهما لأنه نقض فبان ان قوله في سايمة الغنم الزكاة ليس يتناول المعلوفة أولى والذي يدل على ان اللفظ لا يدل على ما لا يتناوله ولا يكون بالتناول أولى لأنه لو دل على ذلك لم ينحصر مدلوله لان ما لا يتناوله اللفظ لا يتناهى وليس بعض ان يدل عليه اللفظ مع عدم التناول بأولى من بعض ومما يدل أيضا على ما ذكرناه حسن استفهام القايل ضربت طوال غلماني ولقيت اشراف جيراني فيقال له أضربت القصار من غلمانك أم لم تضربهم ولقيت العامة من جيرانك أم لم تلقهم فلو كان تعليق الحكم بالصفة يقتضى وضعه نفى الحكم عما ليس له تلك الصفة كاقتضائه ثبوته لماله تلك الصفة لكان هذا الاستفهام قبيحا كما يقبح ان يستفهم عن حكم ما تعلق لفظه به فلو كان الامر ان مفهومين من اللفظ لاشتركا في حسن الاستفهام وقبحه فان قيل انما يحسن الاستفهام عن ذلك لمن لم يقل بدليل الخطاب فاما من تكلم بما ذكرتموه من الذاهبين إلى دليل الخطاب فإنه لا يستفهم عن مراده الا على وجه واحد وهو أن يكون أراد على سبيل المجاز والاستعارة خلاف ما يقتضيه دليل الخلاف فيحسن استفهامه لذلك قلنا حسن استفهام كل قايل اطلق مثل هذا الخطاب معلوم ضرورة علمنا مذهبه في دليل الخطاب أم لم تعلمه فاما تجويزنا أن يكون المخاطب عدل ان الحقيقة إلى المجاز في الكلام الذي حكيناه وان هذا هو علة حسن الاستفهام فباطل لأنه يقتضى حسن دخول الاستفهام في كل كلام لأنه لا كلام نسمعه ونحن نجوز من طريق التقدير أن يكون المخاطب به أراد المجاز ولم يرد الحقيقة وفي علمنا بقبح الاستفهام في كثير من المواضع دلالة على فساد هذه العلة على ان المخاطب لنا إذا كان حكيما وأراد المجاز بخطابه قرن كلامه بما يدل على انه متجوز به ولم يحسن منه اطلاقه وحكى في هذه المسألة ما استدل به من خالفهم فقال واستدل المخالف بأشياء منها ان تعليق الحكم بالسوم لو لم يدل على انتفائه إذا انتفت الصفة لم يكن لتعليقه بالسوم معنى وكان عبثا ومنها ان تعليق الحكم بالسوم يجرى مجرى الاستثناء من الغنم ويقوم مقام قوله ليس في الغنم الا السائمة الزكاة فكما انه لو قال ذلك لوجب أن تكون الجملة المستثنى منها بخلاف حكم الاستثناء فكك تعليق الحكم بالصفة ومنها ان تعليق الحكم بالشرط إذا دل على انتفائه بانتفاء الشرط فكك الصفة والجامع بينهما ان كل واحد منهما كالأخر في التمييز والتخصيص انه لا فرق بين أن يقول في سايمة الغنم الزكاة وبين أن يقول فيها إذا كانت سايمة ومنها ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله عند نزول قوله تعالى استغفر لهم أولا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة لن يعفر (يغفر) الله لهم انه قال (ع) لأزيدن عن السبعين فلو لم يعلم من جهة دليل الخطاب ان ما فوق السبعين بخلافها لم يقل ذلك ومنها تعلقهم بما روى عن عمر بن الخطاب ان يعلى بن أمية سأله فقال له ما بالنا نقصر وقد امنا فقال له عمر عجبت
(٢٢)