بعضهم وذلك ان ما دل على ان مثل الحكم الثابت بالنص الأول ساقط في المستقبل يكون ناسخا له وان سقط لا إلى حكم اخر بل عاد حاله إلى ما كانت عليه في العقل وعلى هذا الوجه نسخ الله تعالى الصدقة بين يدي مناجاة الرسول (ع) بقوله أشفقتم ان تقدموا بين يدي نجويكم صدقات فاسقط لا إلى بدل فكذلك اسقط ما زاد على الاعتداد على أربعة اشهر وعشرا عن المتوفى عنها زوجها لا إلى بدل ولان زوال الحكم إلى بدل لم يكن نسخا لأجل البدل وانما كان منسوخا لزواله فلا فضل بين زواله إلى بدل والى غير بدل وكذلك وصف صوم عاشورا بأنه منسوخ وان كان صوم رمضان لا يجوز أن يكون بدلا منه لجواز وجوبه مع وجوبه وارتفاع التنافي بينهما فاما نسخ الحكم ببدل فقد يقع على وجوه منها ان يسقط وجوبه إلى الندب نحو نسخه ثبات الواحد للعشرة إلى اثباته للاثنين لان ثباته للعشرة مندوب إليه وكذلك نسخ وجوب قيام الليل فجعله ندبا وقد يسقط وجوبه إلى وجوب غيره وذلك على ضربين أحدهما ان يسقط الواجب المخير فيه إلى واجب مضيق وذلك نحو نسخ التخيير بين الصوم والفدية بحتم الصوم بقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقد يسقط الواجب إلى الإباحة نحو سقوط وما وجب الله تعالى من ترك الاكل والمباشرة في ليال الصوم إلى إباحة ذلك وقد يسقط المحظور إلى المباح نحو ما روى عنه عليه السلام انه قال نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وادخار لحوم الأضاحي الا فادخروها فعلى هذا يجب أن يجرى الباب وليس من شرط نسخ الحكم الا يقع الا بما هو أخف منه أو مثله على ما يذهب عليه بعض أهل الظاهر وذلك ان الله تعالى انما ينسخ الحكم بغيره إذا علم ان صلاح المكلف في الثاني وقد يجوز أن يكون صلاحه فيما أشق من الأول كما يجوز أن يكون صلاحه فيما هو أخف فإذا صح ذلك ولم يكن الامر في التكليف موقوفا على اختيار المكلف لكنه بحسب المعلوم فكيف يمنع من جواز نسخ الشئ مما أشق منه وهل يذهب ذلك الا على من لا يعرف أصل هذا الباب ولا فرق بين من قال هذا وبين من قال لا يجوز أن يكلف الله ابتدأ ما يشق على ما يذهب إليه قوم من التناسخية والقرامطة وقد ورد النسخ بذلك الا ترى ان قوله وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين اقتضى كون المكلف مخير في الصوم حتم ذلك وألزمه مع ما فيه من زيادة المشقة على التخيير ونسخ عن الزاني المحصن الحد المذكور في القران بالرجم مع ما فيه من زيادة الألم عند من لم يقل بالجمع بينهما على ان ما قالوه يقتضى ضد قولهم في الحقيقة لأنه نسخ الحكم بما هو أشق منه كان مؤديا إلى ثواب زايد على ما يؤدى إليه الأخف صار في الحقيقة أخف عليه وانفع له لعظم النفع الذي فيه ومن منع من ذلك فكأنه منع من ان يعرض الله تعالى المكلف لتكليف زايد يؤديه إلى زيادة ثواب وهذا جهل فاما تعلقهم بقوله تعالى الان خفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفا وانه نبه على ان من حق النسخ أن يكون تحقيقا وبأن النسخ مأخوذ من الإزالة فكلما كان اذهب في الإزالة كان من شرطه فيجب الأنسخ بما هو أشق منه فما
(٢٨)