عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٢٦
الأول وقد يستعمل هذه اللفظة في أشياء فيقال في الله تعالى انه ينسخ الحكم فهو ناسخ إذا نصب الدلالة على ذلك ويقال ان النص الثاني ناسخ للأول إذا دل من حاله على ما ذكرناه وقد يقال ان الحكم الثاني ينسخ حكم الأول وهو ناسخ له من حيث علم سقوط الأول به كقولهم نسخ التوجه إلى الكعبة الاستقبال إلى بيت المقدس ومثل ما روى ان الزكاة نسخت كل واجب في المال ونسخ شهر رمضان صوم عاشور وقد يتسع أيضا فيقال ان فلانا ينسخ كذا كذا إذا اعتقد ذلك وذهب إليه كما يق الشافعي لا ينسخ القرآن بالسنة والحنفي بنسخ ذلك واما لفظ المنسوخ فإنه يستعمل في الدليل والحكم دون ما عداهما والأغلب في استعمال هذه اللفظة الدلالة والحكم دون ما عداهما وان كان لا يستعمل في الحكم الا إذا كان ثبوته يقتضى نفى الحكم الأول أو علم بالدليل ذلك من حاله فهذه الوجوه هي جملة ما يستعمل هذه العبارة فيها وحقيقتها ما ذكرناه فاما شرايط النسخ فأشياء منها ان الدليل الموصوف بأنه ناسخ وبأنه منسوخ جميعا يكونان شرعيين وانما قلنا ذلك لأنه إذا كانت الإباحة معلومة بالعقل ثم ورد الشرع بخطره لا يسمى ذلك نسخا الا ترى انه لا يقل خطر الخمر نسخ اباحته لما كانت اباحته معلومة عقلا فكذلك لا يق ان الجنون والموت والعجز نسخ واحد منها ما كان واجبا عليه لما كان زوال ذلك عن المكلف معلوم عقلا وهذا الذي ذكرناه انه يمنع من اطلاق عبارة النسخ عليه فاما معنى النسخ فحاصل فيه على كل حال الا ترى انه لا فرق في سقوط التكليف بين زوال العقل أو حصول الموت والعجز وبين ورود النهى عنه في ان في الحالين جميعا يسقط التكليف وانما يمنع ذلك من اجرى العبارة عليه على ما قلناه ومن شرط الناسخ أن يكون المراد به غير المراد بالمنسوخ لأنه لو كان مرادا به لدل على البداء ولاقتضى ذلك كون الامر أو النهى قبيحا فعلى هذا يجب أن يكون الناسخ دالا على ان ما تناوله لم يرد قط بالمنسوخ وبذلك يبطل قول من حد النسخ بأنه زوال الحكم بعد استقراره لان الحكم إذا استقر وثبت انه مراد لم يصح ان يرفع لما يؤدى إليه من الفساد الذي قلناه وبمثل ما قلناه يبطل قوله من حد ذلك بأنه رفع المأمور به بالنهي عنه لأنه لو كان كذلك لوجب كونه مرادا بالامر ومكروها بالنهي وذلك يؤدي إلى ما قدمناه من الفساد ومن شرط الناسخ أيضا أن يكون منفصلا عن المنسوخ لأنه إذا كان متصلا به لم يوصف بأنه ناسخ الا ترى انه لا يقال ان قوله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فاتوهن من حيث امركم الله نسخ للخطر المتقدم لما كان متصلا به ومن شرط المنسوخ ان لا يكون موقتا بوقت يقتضى ارتفاع ذلك الحكم لان ما يكون كذلك لا يوصف بأنه ناسخ ولذلك لا يق الافطار بالليل ناسخ الصوم بالنهار لكن الواجب أن ينظر في الغاية فان كانت غاية معلومة كالليل لم يوصف الحكم المتعلق بها بأنه ناسخ و ان كانت مما لا يعلم الا بنص بان يرد فتبين حاله فلولاه لوجب إدامة حكم النص الأول فإنه يوصف
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125