بأنه ناسخ لأنه جار مجرى قوله تعالى افعلوا كذا وكذا ابدا إلى أن أنسخه عنكم وقد علم ان ما يرد من الدلالة بعد ذلك يوصف بأنه ناسخ وان كان قد قيد به الكلام الأول وكذلك ما جرى مجراه من الغايات ولذلك لم يصح ما قاله بعض أصحاب الشافعي من ان قوله تعالى فامسكوهن في البيوت حتى يتوفيهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا لا يجوز أن يكون منسوخا بقوله وقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد ماية الحديث لان الآية وان كانت مشروطة بالسبيل فهي غاية غير معلومة الا بدليل لولاه لكان الحكم ثابتا فيه ويفارق ذلك تعليق الحكم بغاية يجب انقطاعه عندها كتعليقه بالموت لان ذلك انما يزول بحكم ذلك لا بدليل اخر شرعي وهذا ظاهر ومن حق الناسخ أن يكون في حكم المنسوخ في وقوع العلم به أو العمل على ما سنذكره من ان خبر الواحد لا ينسخ به الكتاب ومن شرطه أيضا الا يكون قياسا ولا ما يجرى مجراه من الأدلة المستنبطة عند المخالف ونحن ندل على ذلك فيما بعد انشاء الله تعالى وليس من شرط النسخ أن يكون لفظ المنسوخ متناولا له لأنه لا يمتنع ان تدل الدلالة على ان المراد بالامر المطلق تكرار الفعل فيكون سبيله سبيل الامر المقيد بما يقتضى التكرار في ان النسخ يصح فيه وعلى هذا أكثر النسخ في الشريعة لأنه ليس شئ من ألفاظ المنسوخ ظاهره يقتضى التكرار وانما علم ذلك من حاله بدليل وهذا بين لأنه كما لا يمتنع نسخ الفعل وما شاكله من الشرعيات وان لم يكن ذلك كلاما لم يمتنع ان يعلم بدليل ان المراد بالامر التكرار فيعترضه النسخ ويفارق التخصيص الذي قد بينا انه لا يصح دخوله الا فيما يتناوله اللفظ العام من هذا الوجه وليس من شرط الناسخ الا يتأخر عن المنسوخ كما قلنا في تخصيص العام وبيان المجمل عن وقت الحاجة بل هو بالعكس من ذلك في وجوب تأخره عن المنسوخ على ما بيناه وليس من شرطه أن يكون متناولا لجملة بل لا لم يمتنع أن يكون متناولا يصح نسخ الدليل الشرعي فيه وان كان متناولا لحكم في عين واحدة ويفارق التخصيص في ذلك وفي الناس من شرط في ذلك الا يكون لفظه مقيدا مقتضيا للتأبيد فقال لو قال الله تعالى افعلوا الصلاة ابدا لما ساغ نسخه وانما يجوز إذا اطلق ذلك وهذا بعيد لان لفظ التأييد عندنا في الامر لا يقتضى الدوام على ما تعورف؟ استعماله لان قول القايل لغيره لازم غير مك ابدا ولأنبه تعلم العلم ابدا لا يقتضى عندهم الدوام ويفارق ذلك حال الخبر الذي يتناول ما يصح الإدامة فيه على ان الصحيح في الخبر أيضا انه لا يفيد الإدامة ولاجل ذلك يمنع أصحاب الوعيد من التعلق بآيات الوعيد المتضمنة للفظ التأبيد وإذا لم يقتض ذلك فكيف المنع من نسخه في ذلك ولو انه تناول ما قال لم يمنع ذلك من نسخه لأنه كان يدل على انه لم يرد باللفظ ما وضع له فيجرى النسخ في ذلك مجرى التخصيص ومن شرط النسخ الا يقع الا في الاحكام الشرعية دون أجناس الافعال وضروبها لأنه انما ينسخ عنا الفعل الذي وجب بأن يبين ان أمثاله ليست بواجبة والفعل المحظور يبين ان أمثاله غير محظورة وليس من شرطه ان يكون للحكم المنسوخ بدل في الاحكام الشرعية على ما زعم
(٢٧)