في لغة العرب ولا يجوز أن يفهم من لفظ الاثبات النفي كما لا يفهم من لفظ النفي الاثبات وقولنا زيد طويل لفظه لفظ اثبات فكيف يعقل منه نفي الحكم عن غير المذكور وليس هيهنا لفظ نفى و يمكن ان يستدل بهذه الطريقة خاصة على ان تعليق الحكم بصفة لا يدل على نفيه عما ليست له من غير حمل الصفة على الاسم ومما يقوى أيضا ما ذكرناه ان أحدا من العلماء لم يقل في ذكر الأجناس الستة في خبر الربا ان تعليق الحكم بها يدل على نفى الربا عن غيرها لان العلماء بين رجلين أحدهما يقول يبقى غير هذه الأجناس على الإباحة والاخر يقيس غيرهما عليها وان تعلق من سوى بين الاسم بان جماعة من أهل العلم استدلوا على ان غير الماء لا يطهر بقوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء طهورا فنفوا الحكم عن غير الماء وهو معلق بالاسم لا بالصفة والجواب ان من فعل ذلك فقد أخطاء في اللغة فقد حكينا ان في الناس من سوى مخطيا بين الاسم والصفة في تعليق الحكم بكل واحد منهما ويمكن من استدل بهذه الآية أن يكون انما عول على ان الاسم فيها يجرى مجرى الصفة لان مطلق الماء يخالف مضافه فأجراه مجرى كون الغنم سايمة وعامله واما الدلالة على ان الصفة كالاسم في الحكم الذي ذكرناه فهي ان الغرض في وضع الأسماء في أصل اللغة هو التمييز والتعريف وليمكنهم ان يخبروا عمن غاب عنهم بالعبارة كما أخبروا عن الحاضر بالإشارة فوضعوا الأسماء لهذا الغرض ولما وقع الاشتراك بالاتفاق في الأسماء بطل الغرض الذي هو التمييز فاحتاجوا إلى ادخال الصفة والحاقها بالاسم ليكون الاسم مع الصفة بمنزلة الاسم ولم يقع اشتراك فيه ولولا الاشتراك الواقع في الأسماء لما احتيج إلى الصفات الا ترى انه لو لم يكن مسمى بزيد الا شخصا واحدا لكفى في الاخبار عنه ان يقال قام زيد ولم احتيج (يحتج خ ل) إلى ادخال الصفة فبان بهذه الجملة ان الصفة كالاسم في الغرض وان الصفات كبعض الأسماء إذا ثبت ما ذكرناه في الاسم ثبت وما يجرى مجراه ويقوم مقامه ومما يبين ان الاسم كالصفة ان المخبر قد يحتاج إلى ان يخبر عن شخص بعينه فيذكره بلقبه وقد يجوز أن يحتاج ان يخبر عنه في حال دون أخرى فيذكره بصفته فصارت الصفة مميزه للأحوال كما ان الأسماء مميزة للأعيان فحلى محلا واحدا في الحكم الذي ذكرناه ومما يدل ابتداء على بطلان دليل الخطاب ان اللفظ انما يدل على ما يتناوله أو على ما يكون بأن يتناوله أولى فاما ان يدل على من لم يتناوله ولا هو بالتناول أولى فمحال وإذا كان الحكم المعلق بصفة لم يتناول غير المذكور ولا هو بأن يتناوله أولى لم يدل الا على ما اقتضاه لفظه فان قيل اشرحوا هذه الجملة قلنا بقوله (ع) في سايمة الغنم الزكاة معلوم حسا وادراكا انه لم يتناول المعلوفة ولا يمكن الخلاف فيما لا يدخل تحت الجنس ولا هو يتناولها أولى بدلالة انه لو قال في سايمة الغنم الزكاة وفي معلوفتها لما كان مناقضا ومن شان اللفظ إذا دل على ما لم يتناوله بلفظه لكنه بأن يتناوله أولى أن يمنع من التصريح بخلافه الا ترى ان قوله تعالى ولا تقل لهما أف لما تناول
(٢١)