مما عجبت منه فسئلت رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته فتعجبهما من ذلك يدل على انهما فيهما من تعلق القصر بالخوف ان حال الا من بخلافه ومنها ما روى عن الصحابة كلهم انهم قالوا الماء من الماء منسوخ ولا يكون ذلك منسوخا الا من جهة دليل الخطاب و ان لفظة الخبر يقتضى نفى وجوب الاغتسال من غير انزال الماء ومنها ان الأمة انما رجعت في ان التيمم لا يجب الا عند عدم الماء إلى ظاهر قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا وكذلك الصيام في الكفارة وانه لا يجرى الا عند عدم الرقبة انما رجع فيه إلى الظاهر قال والجواب عن الأول ان في تعليق الحكم بالسوم فايدة لأنا نعلم وجوب الزكاة في السايمة وما كنا نعلم ذلك قبله ويجوز أن تكون حكم المعلوفة في الزكاة حكم السايمة وان علمناه بدليل اخر وليس يمتنع في الحكمين بمتماثلين ان يعلما بدليلين مختلفين بحسب المصلحة الا ترى ان حكم ما يقع النص عليه من الأجناس في الربا حكم المنصوص عليه ومع ذلك دلنا على ثبوت الربا في الأجناس المذكورة بالنص ووكلنا في اثباته في غيرها إلى القياس أو غير ذلك من الأدلة والجواب عن الثاني ان الاستثناء من العموم لم يدل بلفظه ونفسه على ان ما لم يتناوله بخلاف حكمه وانما دل العموم على دخول الكل فيه فلما اخراج الاستثناء بعض ما يتناوله العموم علمنا حكم المستثنى بلفظ الاستثناء وتناوله لما يتناوله وعلمنا ان حكم ما لم يتناوله بخلافه بلفظ العموم مثال ذلك ان القايل إذا قال ضربت القوم الا زيدا فإنما يعلم بالاستثناء ان زيدا ليس بمضروب ويعلم ان من عداه من القوم مضروب بظاهر العموم لا من اجل دليل الخطاب في الاستثناء وليس هذا موجودا في قوله (ع) في سايمة الغنم الزكاة لأنه (ع) ما استثنى من جملة مذكورة ولو كان لسايمة الغنم اسم يختص بها من غير إضافة إلى الغنم تعلق الزكاة به وليس كل شئ معناه معنى الاستثناء له حكم الاستثناء لان للاستثناء الفاظا موضوعة له فلما لم يدخل فيه لم يكن مستثنى منه ولا يكون واردا الا على جملة مستقلة بنفسها وكل هذا إذا وجبت مراعاته لم يجز أن يجرى قوله (ع) في سايمة الغنم الزكاة مجرى الجمل المستثنى فيها والجواب عن الثالث ان الشرط عندنا كالصفة في انه لا يدل على ان ما عداه بخلافه وبمجرد الشرط لا يعلم ذلك وانما نعلمه في بعض المواضع بدليل لان تأثير الشرط ان يتعلق الحكم به وليس يمتنع ان يخالفه و ينوب عنه شرط اخر يجرى مجراه ولا يخرج من أن يكون شرطا الا ترى ان قوله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم انما يمنع من قبول الشاهد الواحد حتى ينظم إليه الاخر فانضمام الثاني إلى الأول شرط في القبول ثم يعلم بدليل ان ضم امر به إلى الشاهد الأول يقوم مقامه ثم يعلم بدليل ان ضم اليمين إلى الشاهد الواحد يقوم مقام الثاني فنيابة بعض الشروط عن بعض أكثر من ان تحصى و الصحيح ان الحكم إذا علق بغاية أو عدد فإنه لا يدل بنفسه على ان ما عداه بخلافه لأنا انما نعلم ان ما زاد على الثمانين في حد القاذف لا يجوز لان ما زاد على ذلك مخطور بالعقل فإذا وردت العبادة
(٢٣)